من العلوم التي انتشرت في الأوان الأخيرة بين المسلمين، علوم تطوير
الذات. هذه العلوم أو كما يسميها البعض فنون جيدة في حد ذاتها، لكنها تفتقر إلى
الطابع الإسلامي. خصوصاُ أنها أتت من ثقافة اتصالها بالله عزوجل أو ممارستها للدين
فيه خلل واضح.
في هذا المقال سوف أركز على موضوع رئيسي من موضوعات هذه العلوم، وهو
علم الإيحاء. وكيف أننا أي المسلمين نمتلك البديل الأفضل وبفوائد أعظم.
بدايةً، علم الإيحاء يرتكز على عبارات يرددها الشخص بشكل متكرر،
بهدف الحصول على حالة نفسية معينة تصل به إلى ما يريد. هذه العبارات تكون على شكل "
أنا سعيد"، " أنا قوي"، " أنا إيجابي"، " أنا أحب الله ونفسي والآخرين" .... .
هذه العبارات جيدة، ولا أنكر تأثيرها على النفس البشرية. لكن
الإنسان ذو البصيرة المجرب لهذه الشكل من الإيحاءات يكتشف أنها لا تخلو من عجب
الإنسان بنفسه، وتصنيفه للآخرين، وبالتالي دخول أعظم ذنب يعاقب عليه المخلوق من لدن
الخالق وهو الكبر إلى نفسه. قال تعالى على لسان إبليس: " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ "
تزكية النفس في الشريعة الإسلامية أمر غير محبذ قال الله تعالى : "
فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ". وديننا الحنيف يأمرنا
بالتواضع قال صلى الله عليه وسلم: " من تواضع لله رفعه".
إذن، ما هو البديل الذي نناشد به ونطمح إليه؟ البديل لنا كمسلمين هو ذكر
الله عز و جل.
فإذا أردت السعادة، فأكثر من حمد المولى عز و جل على ما أنعم عليك
من نعم لا تحصى. عندما يلهج المسلم بحمد الله فإن الله يلهمه بكثرة ما أنعم الله
عليه، فيغبط نفسه على ما يرى في نفسه من نعم لا تعد ولا تحصى. فتتحصل له السعادة.
وعلاوة على ذلك فإنه بالحمد تزيد النعم ولا تزول.
وإذا أردت السلام والطمأنينة، فأكثر من الصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين. فإن الصلاة والسلام عليه تزيد الصدر انشراحاً وسروراً كما هو
الحال مع باقي الذكر.
وإذا أردت الشجاعة والنشاط، فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شي قدير. فإنها حرزاً لك من الشيطان
الذي يبعث في النفس الخوف والوسواس والكسل.
وإذا أردت الثقة بالنفس و القوة، فأكثر من لا حول ولا قوة إلا
بالله. فإن بها يرفع العرش، ليس عبارة من صنع الإنسان هي التي تأتي بالقوة التي في
الحقيقة مستمدة من الله.
وإذا أردت العزة، فقل الله أكبر. فإن النصر والتمكين يأتي من هذه
الكلمة.
وإذا أردت الرضال بالحال، فأكثر من رضيت بالله رباً، وبالإسلام
ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً.
وإذا أردت الحب الحقيقي، فعليك بقول سبحان الله وبحمده، سبحان الله
العظيم. فإن هذه الكلمتان حبيبتان إلى الرحمن.
و إذا أردت حل مشكلة، فأكثر من لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من
الظالمين. فإن هذه العبارة كانت ترديد يونس عليه السلام عندما إلتقمه الحوت.
و هكذا الحال مع بقية الأذكار.
إن ما سبق خير بديل للمسلم. و قد أثبت علمياُ أن العبارات التي
تتضمن ذكر الله أفضل تأثيراُ من عبارات الإيحاء التي لا تحتوي على اسم الله. و أن
النفس تركن وترتاح إلى ذكر الله أكثر من عبارات الإيحاء. ولكن جهلنا نحن المسلمين
بالشريعة الإسلامية، جعلنا نقبل ما يأتي إلينا من الثقافات الأخرى بدون تفكير
وتمحيص.
الإكثار من ذكر الله مع حضور القلب، يجعل المرء متصل مع الله عزوجل.
فتطمئن نفسه و تفتح له أبواب الخير من حيث لا يحتسب. كما أن ذكر الله كفيل ببرمجة
النفس البشرية دون أن يتكل على نفسه لذلك كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: "
يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، أصلح لي شأني كله، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
فالله عليم بذات
الصدور، و أعلم منك بنفسك، و عندما تذكره فإنه يذكرك و يحبك ويمدك
من قوته.