محافظة المهرة ..ماضٍ عريق..وحاضر مشرق تقع محافظة المهرة إلى الشرق من الجمهورية اليمنية بين خطي عرض«15-20»درجة وبين خطي
طول «45-51»درجة شرق غرينتش، وتبعد عن العاصمة صنعاء شرقاً حوالى «1400كم»،
يحدها من الشمال صحراء الربع الخالي، ومن الشرق سلطنة عُمان الشقيقة، ومن
الجنوب خليج القمر والبحر العربي، ومن الغرب محافظة حضرموت.
ويبلغ عدد سكان المحافظة حسب نتائج التعداد السكاني لعام 2000م 89 ألف نسمة تقريباً.،
ويسود محافظة المهرة المناخ المداري الجاف باستثناء مديرية حوف التي تسقط عليها الأمطار
سنوياً بصورة منتظمة ابتداءً من يونيو حتى سبتمبر وتعتبر هذه المديرية من أجمل مديريات
المحافظة والجمهورية جمالاً لتنوع المناخ فيها والمناظر السياحية الخلابة..
وتبلغ درجة الحرارة في حدها الأعلى«33»درجة مئوية وحدها الأدنى«18»درجة
مئوية في المناطق الساحلية المحاذية لشواطئ البحر العربي بسبب هبوب الرياح
الموسمية حاملة نسمات الهواء الملطفة للحرارة.
وتنقسم تضاريس أراضي محافظة المهرة إلى ثلاثة أقسام هي:
-السهل الساحلي الجنوبي.
- الهضبة الجبلية الوسطى.
- الصحراء الشمالية.
السهل الساحلي الجنوبي:
ويشمل الشريط الساحلي المتعرج والممتد من حدود المحافظة مع محافظة حضرموت من الغرب،
وشرقاً حتى حدود سلطنة عمان الشقيقة، ويبلغ طوله حوالى «375» كم، وهو ينحصر
من الشمال بسلسلة جبال الهضبة ووديانها، ويصل أعلى ارتفاع له عن مستوى سطح
البحر نحو«250» متراً، وتنتشر عليه معظم المدن الرئيسية بما فيها المركز
الاداري للمحافظة-مدينة الغيظة-الذي يعيش فيه أكثر سكان المحافظة.
الهضبة الجبلية الوسطى:
تعتبر الهضبة جزءاً من الهضبة الجبلية الممتدة من شمال عدن حتى شرق محافظة المهرة،
وتتكون من سلاسل جبلية تتخللها الوديان والروافد، وأشهر جبال هذه المحافظة،
جبل الحبشية، وجبل الغرت، وسلسلة جبال بني كشيت، وجبل الفرتك ومرارة،
وشرقاً حتى سلسلة جبال القمر.
السلسلة الجبلية يتخللها العديد من الوديان تنقسم إلى قسمين:
- القسم الأول
تصب جنوباً إلى ساحل البحر العربي): وهي من أهم وأكبر أودية المحافظة تبدأ
من الغرب ومنها وادي المسيلة الذي يعتبر الامتداد الجنوبي الشرقي لوادي
حضرموت وتصب فيه الكثير من الروافد الشمالية الشرقية، والجنوبية الغربية،
وعلى ضفتي هذا الوادي تنتشر الكثير من المستوطنات
التي تعتمد على المياه الجارية فيه، وتعتبر أراضيه من أخصب أراضي المحافظة، ويصب هذا
الوادي إلى غرب سيحوت ثم البحر، وإلى الشرق من هذا الوادي هناك وادي«عدنوت»
ويصب إلى غرب قشن عند رأس شروين، وإلى الشرق منه هناك وادي الجيزي الكبير،
الذي يصب فيه وادي دحون الذي تتجمع مياهه من سلسلة جبل كشيت وجبل الفرتك
ويصب وادي الجيزي إلى الغرب من مدينة الغيظة-المركز الإداري للمحافظة-، كما
يوجد عدد من الوديان الصغيرة التي تصب إلى البحر العربي، وهي الوديان التي
تتخلل سلسلة جبال القمر.
- القسم الثاني(تصب شمالاً إلى صحراء الربع الخالي): يوجد في هذا القسم الكثير من
الوديان، وهي-من الغرب إلى الشرق-وادي المناهيل ووادي أرمة، وهما الواديان
اللذان تتجمع مياههما من سلسلة جبل بن كشيت الشمالية-فوادي ضحية ووادي
تهوف، ويلتقيان جنوب سناو وتصب مياههما في الربع الخالي في خليف مسيفة-ثم
وادي مرخة وعربة-وهما اللذان تتجمع إليهما مياه جبال كشيت الشمالية ويصبان
في الربع الخالي في طوق شحر- ثم وادي رخوة ووادي شعيث ووادي ميتن ووادي
شحن-وتصب هذه الأدوية شمالاً في الربع الخالي.
الصحراء الشمالية: وهي عبارة عن صحراء مترامية الأطراف وهي الجزء الجنوبي الشرقي من
صحراء الربع الخالي، وتضم عروق الموارد، ورملة أم غارب، ورملة عيوة، وبني
معارض وخليف وعلين، وخليف مسيفة، وطوق شحر، وعدد كبير من العروق مثل عروق
الخراخير،وعروق ضحية، وعروق ابن حمودة، ومعظم قاطنيها من البدو الرحل.
الصناعات الحرفية: تتركز في المناطق الداخلية من المحافظة في مديريتي قشن وسيحوت
وأهمها الأواني الفخارية الملونة بكافة أنواعها والصناعات الحرفية من سعف النخيل.
التقسيم الإداري: تنقسم أراضي محافظة المهرة إلى تسع مديريات وكل مديرية منها تنقسم إلى عدد من المراكز الإدارية، وهي كالآتي:-- مديرية الغيظة.- مديرية حوف- مديرية قشن- مديرية منعر- مديرية حصوين- مديرية حات- مديرية شحن- مديرية وادي المسيلة- مديرية سيحوتويعود تاريخ
الاستيطان في أراضي محافظة المهرة إلى عصور غابرة، وتحتوي بشكل مثير
للاستغراب، كثيراً من مستوطنات عصور ماقبل التاريخ، وهي العصور التي سبقت
معرفة الكتابة، وأهم المستوطنات في تلك العصور هي كالآتي:- مستوطنات العصر الحجري القديم «الأسفل»:لقد عثر على هذا
النوع من المستوطنات في وادي الجيزي الذي يصب إلى البحر العربي غرب الغيظة،
وعثر في هذه المستوطنات على أدوات حجرية تعود إلى الحضارة الأشولية، وعصر
البلايستوسين المبكر.- مستوطنات العصر الحجري القديم «الأعلى»:وجدت بالقرب من قشن وبالقرب من ساحل الخليج العربي مواقع يعود تاريخها إلى ماقبل «150000 سنة قبل الميلاد».- مستوطنات العصر الحجري الحديث:وجدت معظم مواقع
هذا العصر في الصحراء الشمالية في منطقة ثمود، وفي سناو، وأكبر موقع لهذا
العصر وجد في مركز حبروت، ويعود تاريخ هذه المواقع إلى الفترة الممتدة من
«2500 - 6000سنة قبل الميلاد».- مستوطنات العصر البرونزي:تتحد مستوطنات
هذا العصر بالمواقع التي تنتشر فيها تلك الرسوم الصخرية والمخربشات التي
نحتت أو رسمت على صخور وأحجار المواقع، وأهم مواقعها تلك المنطقة المجاورة
لمدينة الغيظة، ويعود تاريخ هذه المواقع إلى مابين «1000 - 2500 سنة قبل
الميلاد».العصر الحديدي والفترة التاريخية تنتشر مستوطنات هذا العصر الذي يمتد- إلى جانب الفترة التاريخية- إلى فترة ظهور الإسلام في كثير من المواقع أهمها: موقع بالقرب من
قشن- موقع في الغيظة- موقع في سيحوت- موقع حصن النمير- موقع جبل ميفل-
موقعان في كدمة يروب- موقعان في شمال المحافظة في سناو.وفي هذا العصر
اشتهرت أراضي المحافظة بإنتاج مادة اللبان والبخور، وهي المادة المقدسة
التي كانت تصدر إلى معظم مراكز العالم القديم لاستخدامها في المعابد كجانب
من الطقوس إلى جانب استخداماته الطبية وغيرها.واللبان شجرة من
فصيلة تسمى علمياً «بوسوليا» وتنبت في ظروف مناخية خاصة وفي تربة ملائمة،
وهي شروط توفرت تقريباً في كل أراضي المحافظة، التي كان أهلها يعملون على
تنمية زراعة هذه الشجرة واستخراج اللبان منها، وهذه الشجرة لايزيد ارتفاعها
غالباً عن عشرة أقدام، يطلق عليها المهريون اسم «عسفيدوت»، ومحصول هذه
الشجرة يجنى في شهر اكتوبر، وطريقة إنتاجه لها طقوسها المميزة، إذ يتم
إحداث شقوق طويلة عديدة في ساق الشجرة بواسطة سكين حجرية صنعت لهذا الغرض
وعقب أحداث تلك الشقوق يسيل من ساق الشجرة سائل شفاف يميل قليلاً إلى اللون
البني، وبعدها يترك مدة خسمة عشر يوماً ليجف ويتجمع، ثم يجنى بترعه من ساق
الشجرة الذي يلتصق عليه، ولايترك كذلك بحالته عقب الجني وإنما تتم له
معالجة لكي لايتلف، حيث يخلط بمادة يطلق عليها الأهالي «هاثورت» وهي مادة
ملحية صلبة- مادة قاعدية- يتم سحقها وتحويلها إلى بودرة ثم تخلط بمادة
اللبان والغرض من عملية خلط اللبان بهذه المادة هو: المساعدة على تجفيف
محصول اللبان وتبيضه إلى جانب أنه يساعد على استمرار صلاحية اللبان- كمادة
حافظة- وعدم تأثره بأي ظرف مناخي، كما أنه يزيد من وزن محصول اللبان. وبذلك يصبح
اللبان جاهزاً للتصدير، ومن أجل الحفاظ على أسرار عملية جني محصول هذه
الاشجار فقد نسجت عدة أساطير حولها منها واحدة تقول «أن الاشجار تحميها
الأفاعي وبمجرد اقتراب أي شخص من الشجرة فإنها تقفز إليه لتلدغه بسمها
القاتل، وبذلك يبتعد عنها الناس الغرباء خوفاً من الأفاعي»، وبعد ذلك كان
يجمع المحصول ليتم تصديره إلى مراكز الطلب، وكان يوجد ميناءان بحريان يصدر
المهربون لبانهم منهما إلى جانب التصدير البري بواسطة القوافل التجارية،
حيث يتم جمع المحصول ونقله إلى ميناء «سمهرم»- خور
روري اليوم وتقع جنوب مدينة ظفار- أو إلى ميناء رأس فرتك، بحسب قرب المناطق
المنتجة من الميناءين بحيث كانت السفن الحاملة للبان تتجه من ميناء سمهرم
إلى ميناء رأس فرتك، وتفرغ محتوياتها في ميناء «قنا» -بير علي اليوم- ومن
هذه الميناء كان يتم تصديره إلى الشمال.أما بالنسبة
للطريق البرية كانت تستخدم في الأشهر التي تكون فيها حالة البحر غير
مستقرة، وكانت تحمل اللبان من سواحل المهرة ثم تعبر وادي المسيلة إلى وادي
حضرموت لتصل إلى مدينة شبوة القديمة عاصمة مملكة حضرموت.واللبان عبارة عن
مادة صمغية عندما تحرق يصدر عنها دخان كثيف ذو رائحة طيبة كان يكثر
استعماله في تحنيط الموتى وفي المعابد حتى أصبح ضرورياً عند تقديم القرابين
إلى الآلهة، كما كان يستعمل أيضاً في الحفلات الدينية وفي مراسيم الدفن
وفي حفلات تكريم الأحياء، وقد قدمت لنا الآثار والنقوش والكتابات القديمة
في بلاد الرافدين «العراق» ومصر وبلاد اليونان والرومان معلومات هامة عن
كيفية جلب اللبان واستخداماته، كما أن المؤرخين الكلاسيكيين اليونايين
والرومان قد أكثروا من وصف أنواع اللبان وطريقة إعداده وأثمانه كما أشاروا
إلى استعماله كمادة طبية.وقد ظهرت مثلاً
في نقوش معبد الدير البحري في مصر الذي نقشت عليه رحلة الملكة المصرية
حتشبسوت إلى بلاد «بونت» التي فسرها العلماء إلى أنه يقصد بها بلاد اليمن،
حيث أصبحت طبيبة بعد عودتها من الرحلة ومارست التطبيب وفي بلاد الملكة
«حتشبسوت» توجد لوحة فنية لأربعة أشخاص بونتيون وقد كتب فوقهم رؤساء «إر-
إم-مر»، وقد ظهر من خلفهم شعوبهم وهم يحملون ما أحضروه معهم من خيرات
بلادهم، فمنهم من يحمل جراراً ربما تكون مملوءة بالطيوب وأيضاً سلالاً ملئت
بالبخور، وإذا نظرنا إلى كلمة «إر-إم-مر» التي تترجم بـ«الذين يعملون في
البحر» فيبدو أن هذه الكلمة هي تحريف لكلمة المهرة، وهي قبائل كانت تسكن
السواحل الجنوبية وكان عملهم كما يبدو متصلاً بالبحر والتجارة ولذا أطلق
عليهم المصريون القدماء اسم «الذين يعملون في البحر».وقد ذكرهم كتاب
الطواف حول البحر الأريتيري بأنهم قبائل تسكن في السواحل الجنوبية الشرقية
للجزيرة العربية، وبالفعل فقد ظهرت المهرة منذ مطلع الألف الأول قبل
الميلاد وانتهت في مطلع القرن الثالث الميلادي. المهرة في النقوش اليمنية القديمةظهرت المهرة في
النقوش اليمنية القديمة كاسم لقبيلة ويأتي في مقدمة تلك النقوش نقشان الأول
من العقلة- موقع غرب مدينة شبوة القديمة- وهو النقش الموسوم- «
بـ4877«RES»، أما الثاني فهو نقش عبدان الكبير- عُثر عليه في وادي عبدان في
محافظة شبوة.- النقش الأول «4877. RES»: كورنيش الغيظة(محيفيف)
يعود تاريخه إلى
القرن الثالث الميلادي، وهو من النقوش التي كانت تسجل في العقلة، وهو
الموقع الذي تتم فيه احتفالات تنصيب الملك على العرش وتعيين الوزراء
والموظفين الإداريين، وقد ذكر هذا النقش العبارة «ك ب ر/أ م ر ن»، أي كبير
المهريين، ولفظة كبير تشير إلى مصطلح إداري معين يحمل صاحبه صلاحيات إدارة
وحكم الإقليم الذي يحكمه والذي يكون هو أصلاً منتمياً قبلياً إليه.- النقش الثاني:كورنيش الغيظة الجديد (محيفيف)
يعود إلى عهد
التبابعة- أي إلى القرن الرابع الميلادي- وهو نقش عبدان الكبير الذي نشره
الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه، ويذكر هذا النقش تقدم بني ذي يزن وهم ملشان
وابنه خوليم إلى أرض المهرة للسيطرة عليها وضمها إلى حكمهم وهناك تساؤل
مثير يطرح نفسه بالرغم من أن أراضي المهرة كانت تنتج مادة اللبان والبخور
الذي كان يباع بأسعار جزيلة إلا أن ذلك لم ينعكس مادياً على سكان المهرة
بمعنى أنه لاتوجد في المهرة مواقع أثرية ضخمة مثل تلك التي انتشرت في وادي
حضرموت مثل ريبون، وبير حمد ولن نتمادى ونقول مثل مدينة شبوة القديمة.لعل تفسير ذلك
يعتبر صعباً ولكن في مناقشة للعالمين الكبيرين الدكتور محمد عبدالقادر
بافقيه، والدكتور كويستيان روبان، للفظة «مهر» توصلا إلى أن اللفظة في
اللهجات اليمنية «مهرة» بمعنى
حرفه، وتمهر اشتغل أو تعاطى عملاً، ولعل ما جاء في النقوش إنما يشير إلى
الاستخدام وإلى الذين يدخلون في الخدمة، فاللفظة «ت م هـ ر ت هـ و» قد تعني
الناس الذين عملوا بأجر، ولفظة «هـ م هـ ر هـ و» تعني استخدمه لقاء أجر أو
بعبارة. لذلك لم تظهر عليهم ملامح التطور والتحضر وظلوا مستخدمين كأجراء
للغير الذين كانوا يسيطرون على تلك الأرض وظل عملهم الرئيسي تربية ورعي
الجمال، إلى جانب عملهم في أوقات مواسم جني اللبان.اللغة المهريةيتحدث المهريون
سواءً في جزيرة سقطرى أو في أراضي محافظة المهرة اللغة المهرية القديمة
المتعددة اللهجات حتى وقتنا الراهن، وهي لغة تختلف عن العربية تنحدر من
اللغة اليمنية القديمة وظلوا محتفظين بها على الرغم من إنقراضها من جنوب
الجزيرة العربية وهذه اللغة غير مكتوبة- أي أن متحدثيها
يتوارثونها شفوياً وتكثر فيها النصوص الشعرية والقصص والمساجلات وغيرها من
الخصائص اللغوية مثل الغناء، وبعض ألفاظ الرقصات، والطقوس الخاصة- وتنقسم
هذه اللغة بدورها إلى عدة لهجات فسكان الشريط الساحلي يتميزون بلهجة خاصة
عن سكان مرتفعات الهضبة الوسطى، وهؤلاء أيضاً يتميزون بلهجتهم عن سكان
السهل الصحراوي الشمالي، وبذلك نجد بعضهم يجيد لهجتين إلى جانب اللغة
العربية.وتمتد اللغة المهرية إلى جزيرة سقطرى والأرخبيل التابع لها، وجزر كوريا موريا، وغرب سلطنة عُمان على الحدود مع المحافظة.عادات مهريةللمهريين عادات
وتقاليد خاصة سواءً أكانت في الأعراس أو في المناسبات وسنكتفي هنا بذكر
عادات الختان العلني للذكور من أفراد القبائل وكانت في الماضي تبدأ بأن
يقيم رجال القبائل حفلات مشهودة يحضرها شباب القبيلة الذين تجرى لهم عملية
الختان- تجرى عملية الختان للذكور في سن الشباب- وتكونربع الخالي امتحاناً لشجاعتهم وصبرهم وقوة احتمالهم للألم ويجتمع الرجال والنساء في حلقة
واسعة تتوسطها صخرة يجلس عليها الشاب ويجلس الرجل الذي سيقوم بعملية الختان
وتقف وراءه إحدى قريباته حاملة سيف تقذف به في الهواء وتتلقفه من شفرته
الحادة لتشجيعه على احتمال الألم، وبعد أن تتم العملية يقف مباشراً والدماء
تنزف منه ثم يجري حول الحلقة وهو ينشد القصائد الحماسية وسط دقات الطبول
وطلقات الرصاص وغالباً ماترفض النساء الزواج ممن يصرخ من الألم وقت إجراء
العملية، وبفعل تطور الوعي الاجتماعي انقرضت هذه العادة وأصبحت الخدمات
الطبية الحديثة متوفرة في مراكز المحافظة. معالم سياحية تعتبر مديرية
الغيظة من أهم مديريات المحافظة سياحياً وأكبرها مساحة بالإضافة إلى ذلك
توجد فيها مدينة الغيضة -المركز الإداري للمحافظة- ومن أهم المعالم الأثرية
والتاريخية والسياحية في محافظة المهرة المعالم التالية:< مدينة
الغيظة :هي المركز الإداري للمحافظة وتتركز فيها المنشآت الحكومية ذات
المباني الحديثة وهناك في اطرافها تقع المباني القديمة وهي مبنية بمادة
الطين وتشتهر بالنوافذ والأبواب الخشبية المزخرفة بالزخارف النباتية
والهندسية البديعة، ومن معالم المدينة سوقها الذي يتوسطها، ومنشآته
الحديثة، وفيه تباع بعض المنتوجات المحلية التي تجلب إليه من الأرياف
المجاورة خاصة السجاد المصنوع من صوف الجمال والأغنام.. وغيرها من الأدوات
المنزلية المصنوعة من سعف النخيل.< مقبرة
الغيظة: تتميز المقبرة بشواهد قبورها الحجرية المنقوشة بالكتابات العربية
والتي تذكر محتوياتها اسم المتوفى وتاريخ وفاته وبعض الآيات القرآنية
والادعية، تشابه كثيراً شواهد قبور مدينة صعدة المشهورة، وتعود تواريخ هذه
الشواهد إلى القرنين السابع والثامن الهجري، كما يوجد فيها ضريحان تعلوهما
القباب المطلية بالنورة، وهما مبنيان من الطين المخلوط بالتبن.< قرية محيفيف
: هي واحدة من القرى الجميلة المنتشرة حول مدينة الغيظة، وتقع إلى الجنوب
الشرقي منها على بعد «6كيلومترات»، وترتبط بها عبر طريق إسفلتية وتمتاز
بتباين مبانيها القديمة والحديثة، حيث تتميز المباني القديمة ببساطة
معمارها، فهي مبنية بالطين المخلوط بالتبن وتتكون من دورين وتحيط بها أشجار
النخيل الباسقة وأشجار جوز الهند.وتطل هذه القرية
على الشاطئ الذي يحمل اسمها، ويشتهر برماله الذهبية الناعمة النقية، ويوجد
في الجهة الجنوبية منه مستوطنة السلاحف العملاقة الخضراء، والذي تستغله
لوضع بيضها في فترات مواسم تكاثر الأسماك، وفي الجهة الشمالية من شاطئ
محيفيف يوجد ميناء صيد السمك والشروخ الصخري والجمبري ويكفي الزائر الوقوف
على هذا الميناء ليتمتع بمشاهدة مناظر الشروخ المتعدد الألوان، وكيفية
تنقلها وحركاتها الغريبة.< قرية ضبوت :
تقع إلى الجنوب من مدينة الغيضة على بعد «32 كيلومتراً»، وترتبط بها عبر
طريق اسفلتي، وهي قرية صغيرة مبانيها مطلية بمادة النورة، ومبنية بمادة
الطين المخلوط بالتبن، وتظلل هذه المباني أشجار النخيل الكثيفة، ويمر في
هذه القرية وادٍ يحمل اسمها- وادي ضبوت- وتنتشر فيه العيون الكبريتية
الحارة، إلا أن أجمل مافي القرية شواطئها المظللة بأشجار النخيل تشبه
كثيراً شواطئ مدينة الخوخة على البحر الأحمر.< ميناء حبروت
: يقع ميناء حبروت إلى الجنوب من مدينة الغيضة، ويبعد عنها نحو «38
كيلومتراً» ، وهو موقع أثري قديم يعود تاريخه إلى عصور ماقبل الإسلام،
واسمه ورد في نقش عبدان الكبير بعد ذكر موقع حبروت ولكن التلف الذي أصاب
أسطر النقش جعل قراءته متعذرة، وتنتشر الشقاقات الفخارية
انتشاراً واسعاً على سطح هذا الموقع الذي أقيم عند أقدام جبل هيروت،
إنتشاراً واسعاً، إضافة إلى أجزاء من نقوش كتبت بخط المسند، ويمكن
الاستنتاج من معطيات نقش عبدان الكبير أن اليزنيين هم الذين دمروا هذا
الموقع والميناء في القرن الرابع الميلادي، إضافة إلى قلة الطلب على مادة
اللبان التي كانت تصدر من هذا الميناء، مما تسبب إلى الهجرة والانتقال منه
إلى أماكن أخرى.< ميناء خلفوت
:يقع إلى الجنوب من مدينة الغيظة، ويبعد عنها نحو «38 كيلومتراً» ويرتبط
بها عبر طريق اسفلتي، ويقع في موضع محصن تحصيناً طبيعياً يسمى «قفزان» تحفه
من يمينه ويساره مرتفعات جبلية وصخور بركانية، وكان يستخدم في السابق
كمكان آمن للسفن والقوارب في حالة اضطراب البحر. < ميناء نشطون
: يقع ميناء نشطون إلى الجنوب من مدينة الغيظة، ويبعد عنها نحو
«55كيلومتراً» ويرتبط بها عبر طريق اسفلتي، ويعتبر اليوم الميناء البحري
الحديث للمحافظة، وكان يسمى في الماضي «ميناء نظون»، ويستقبل اليوم السفن
المتوسطة الحجم،وتتبعه العديد من المرافق والتجهيزات الحديثة، ويقع هذا
الميناء بين المرتفعات الصخرية التي وفرت للسفن والقوارب الراسية فيه
الحماية ضد اضطراب البحر. وإلى جوار الميناء هناك قرية نشطون الحديثة المشيدة بنمط العمارة التقليدية الجميلة.< كدومة يروب :
تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الغيظة، على بعد «30 كيلومتراً» وهي
مستوطنة أثرية قديمة تعود إلى العصر الحديدي، وتنتشر في هذا الموقع بعض
الرسوم الصخرية التي تمثل مناظر صيد وغيرها من المخربشات الصخرية التي رسمت
باللون الأحمر والتي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي الذي يمتد في الفترة
من « 1000 -2500 سنة قبل الميلاد»، وأبعاد هذا الموقع « 200*400 متر» كما
تنتشر على سطحه- ايضاً-شقف من خزف البورسلين الصيني الذي يعود تاريخه إلى
القرنين« السادس عشر-السابع عشر الميلاديين». وعلى شاطئ يروب
وإلى الشرق من المستوطنة الأثرية القديمة توجد مستوطنة أثرية أخرى يعود
تاريخها ايضاً إلى العصر الحديدي، كما أن هذا الشاطئ قد استخدم هذا الميناء
في فترة ماقبل الإسلام كإحدى محطات الطريق البحرية من سمهرم إلى ميناء
قنا، وكان يطلق عليه الأهالي اسم «خور جربون» ثم استمر استخدام الميناء في
الفترة الإسلامية حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وتوجد
بقايا خزف البورسلين الصيني المنتشر في المستوطنة مما يدل على النشاط
الواسع للميناء، الذي كان يستقبل البضائع التجارية الخارجية، وكان
-ايضاً-يصدر من خلاله اللبان إلى الخارج في فترة ماقبل الإسلام. ويتميز هذا
الشاطئ عن غيره بوجود أعداد كبيرة من طيور النوارس الجميلة خاصة تلك
النوارس التي تحل في الشاطئ قادمة من البصرة «العراق» التي تصل إليه خلال
فصل الربيع من كل عام.< حبروت
الأثرية : تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الغيظة، على بعد نحو «70
كيلومتراً»، يتم الوصول إليها عبر طريق ترابية وعرة، ويعود تاريخ هذه
المنطقة إلى عصور ماقبل الإسلام، حيث ورد ذكرها في نقش عبدان الكبير باسم
«ح ب ر ت»، ويبدو أنها كانت من أكبر مناطق قبائل المهرة في تلك العصور، وقد
دمرها اليزنيون أثناء تلك الغارات التي كانوا يقومون بها في اتجاه الشرق
إلى أراضي سلطنة عمان اليوم وبلاد البحرين، إلا أن هجومهم على مدن قبائل
المهرة كان بسبب الثورات التي كانت تقوم بها هذه القبائل على الحكم المركزي لدولة
التبابعة في القرن الرابع الميلادي، وكان اليزنيون الذين كانوا يتخذون من
وادي عبدان ووادي ضرا في شبوة حاضرة لهم هم أركان حرب الملوك التبابعة
الذين أخضعوا أراضي حضرموت وأراضي قبائل المهرة، وبدو صحراء الربع الخالي
حتى البحرين، والتي على إثرها اتخذ الملوك التبابعة اللقب الطويل «ملك سبأ
وحضرموت ويمنات واعرابهم طوداً وتهامة». ويذكر اليزنيون
في -نقش عبدان الكبير- أنهم غزوا أرض المهرة مرتين متتاليتين، واحتمال أنهم
هم الذين دمروا هذه المستوطنة المهرية، وتدميرها يدل على مدى الثقل
السياسي الذي كانت تقوم به هذه المستوطنة على قبائل المهرة، وكانت إدارة
جمع اللبان تتم فيها.وإلى جوارها يوجد
وادٍ حبروت، وهو وادي خصيب تجري فيه مياه الغيول، وتنتشر فيه بكثافة أشجار
النخيل، وعلى صخور المرتفعات الجبلية التي تحيط بالوادي تنتشر كثيراً
الرسوم الصخرية والمخربشات التي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي الذي يمتد
في الفترة من «1000- 2500 سنة قبل الميلاد»، ويدل ذلك بما لايدع مجالاً
للشك أن هذه المنطقة كانت لها صلة بإنتاج اللبان منذ العصر البرونزي واستمر
حتى القرن الرابع الميلادي. < حوف : تضم
هذه المديرية الاراضي الشرقية للمحافظة والتي من ضمنها جزء من سلسلة جبال
القمر، تلك السلسلة التي اشتهرت كثيراً بإنتاج اللبان منذ مطلع الألف الأول
قبل الميلاد، ومن أشهر مواقعها التاريخية التي تعود إلى ماقبل الإسلام
مستوطنة دمقوت، وهي المستوطنة التي جاء ذكرها في نقش عبدان الكبير. < دمقوت: تقع
دمقوت إلى الشرق من مدينة الغيظة، وتبعد عنها نحو «84 كيلو متراً»، وقد ورد
ذكرها في نقش عبدان الكبير باسم «د م ق ت»، وقد جاء ذكرها بعد مستوطنة
حبروت التي بالفعل تأتي قبلها على الطرق إلى «سأكلن»، وقد دمر اليزنيون هذه
المستوطنة التي يصفونها بأنها من مستوطنات قبائل المهرة.وكانت إحدى
المراكز الذي يجمع إليها محصول اللبان من أجزاء الهضبة الجبلية المجاورة،
ويكثر فيها بشكل ملفت للنظر أشجار الصبر بأنواعها الثلاثة المعروفة محلياً
بثلاث تسميات هي: «أو طور، طيف، سيكل» ويعد من أشهر الأنواع المعروفة،
ومازال يصدر محصوله من هذه المنطقة إلى الخارج. وتشتهر هذه
المنطقة بنباتاتها الطبية التي تدخل مجالات الاستطباب إلى يومنا هذا، ولها
تسمياتها المحلية التي تميزها عن غيرها، وكيفية استخدامها لمعالجة مختلف
الامراض المعروفة الشائعة في المحافظة.. وقد أصبحت اليوم محمية طبيعية.< ميناء خور
الأوزن : تبدو خرائب الميناء شاخصة للعيان والتي من أهمها حوض رسو السفن
التي تشكل طبيعياً، فهو عبارة عن لسان بحري في اليابسة، وتوجد في أجزاء هذا
الحوض على اليابسة مراسي السفن، وهي التي تربط فيها بواسطة الحبال في حالة
رسوها واستقرارها في الميناء سواءً للشحن أو التفريغ.. وغيرها، ويحتمل أن
يكون هذا الميناء هو الذي كان يصدر مادة اللبان الذي كان يجمع من مدينة
دمقوت الأثرية. < جبال حيطوم :
تنتشر على صخور هذا الجبل العديد من المخربشات والرسوم الصخرية التي تعود
إلى العصر البرونزي، وهي مرسومة بعضها باللون الأحمر، ويعود تاريخها إلى
الفترةالممتدة من
«1000- 2500 سنة قبل الميلاد»، وتكثر في هذه الجبال الكهوف والمغارات التي
كان يستخدمها الإنسان كمأوى وحفظ الطعام والصيد في تلك الحقبة الزمنية،
ويشتهر بين هذه السلسلة الجبلية وادٍ يعرف باسم «ذغريوت»، الذي تنتشر على
حوافه بعض المواقع الاستيطانية التي تعود -ايضاً- إلى فترة العصر البرونزي
المتأخر، وتشتهر سلسلة جبال حيطوم وحوافز وادي ذغريوت بأشجار اللبان
والصبر، وهي تنمو حالياً نمواً برياً طبيعياً بعد أن كانت تحظى برعاية
الإنسان.< جبل مرارة :
يقع هذا الجبل في منتصف المسافة بين دمقوت، وجادب، وحوف، ويشتهر بعيون
المياه الغزيرة، وتزداد الغرابة إذا عرفنا أن هذه العيون الغزيرة تنبع من
قمة الجبل وليس من أسفله، ولغزارتها فهي تغطي احتياجات سكان مراكز دمقوت
وجادب ومدينة حوف، بالمياه دون انقطاع على مدار السنة وعند حافة الجهة الشرقية لهذا الجبل على السهل الممتد بينه وبين شاطئ البحر تنبع عيون
مياه -ايضاً- ولكنها هنا مختلفة لكونها تقذف بمياه كبريتية حارة، وفي
فترات ظاهرة مد البحر فان مياهه تغمرها وبالرغم من ذلك فإن الذي يقف على
هذه العيون يجدها حارة جداً بينما تختلف درجة حرارة مياه البحر الباردة
بالمقارنة معها، ويطلق الأهالي على هذه العيون الحارة «حمو حرق»، وتقع
بالضبط عند الكيلو «104» في الطريق إلى جادب.
منقول