(الكَذِب) في حياة الإنسان المكلَّف[1] من أشدِّ الأمراض الاجتماعية خطرًا؛ لأنه يُقوِّض بناء المجتمع، ويَقضي على بناء الثقة بين أفراده، ويَجعَل التشكُّك والارتِياب فيما ينقلُه الآخرون إلَيْنا بديلاً للاطمِئْنان والأمان، فكل إنسانٍ يشُكُّ، ويَرْتاب فيمَا يَعرِض عليْه غيرُه من الناس، ولا يصدِّق ما ينقلونه إليه من أخبار أو نصائح أو مَعلومات، وشيوع الكَذِب في مجتمعٍ من المجتمعات هو البداية لتفكُّك هذا المجتمع وانحلاله، قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105].
لكن كثيرًا ما يواجه الآباءَ والأمَّهات وغيرهم من المربِّين مواقف يكون بطلُ الموقف فيها صغيرًا لم يجاوز الرابعة أو السابعة أو التاسعة من العمر، نَجده فيها يقوم بأدوار، هي من وجْهة نظرنا تحويرٌ للواقع، ومُجافاةٌ للحقائق، وتَحايلٌ عليْه، ولَيٌّ ظاهرٌ للوقائع، وقلبٌ للمحسوس الملموس إلى صورة أخرى ليس لها في حقيقة الأمر وجود.
انظر إلى الأمثلة التالية:
- إذا رأيتَ الطِّفْل يبعث الحيَاة في الجمادات الَّتي حولَه، ويتحدَّث معها كأنَّها كائن حي يُشارِك في النَّشَاطات التي يقوم بها، وينفذ الأوامر، فهل نصِفُه بالكَذِب؟
- عندما يَشِي الصَّغِير بأقْرانه في الحضانة أو في الصَّفِّ الابتدائي لدى المعلِّمَة، وينسب إليهم ما لم يفعلوه، كأن يقول: إنهم ينتَقِدون المعلِّمة، أو أنها لا تعجبهم، فهل يقع هذا ضِمْن الكَذِب الذي يأثَم به الكِبَار؟
- إذا رأيت طفلاً يَحكِي لأقرانه قِصَّة خياليَّة ينسب فيها إلى نفسه دورًا مهمًّا، بأن يجعل من نفسه بطلَ القِصَّة مثلاً أو أحد المشاركين فيها، فهل نصفه بالكَذِب الذي يَدخُل به في الإثم؟
- عندما يَنتَحِل الطِّفْل عذرًا يَحمِي به نفسه من العقاب الصارخ الذي يوقعه المعلِّم بمن يقصِّر في أداء الواجب المنزلي، فهل تتسرَّع بوصفه بالكَذِب؟
- إذا تَصدَّق الطِّفْل بمصروفه اليوميِّ من النقود وقال خشيةَ العقاب المتوقَّع من أبيه: إنه اشترى بالنقود حلوى، فهل يُعَاقبُ على أنَّه كاذب؟
- إذا ادعى الطِّفْل أنَّ لأبيه سيَّارةً فاخرةً، وأنَّه يسكن قصرًا فخمًا على حين أنَّه من بيئةٍ متواضعةٍ للغاية، فهل يُشهَّر به على أنَّه كاذبٌ؟
- في الأمثلة السَّابقة ندرك على الفور أنَّ ثمة فارقًا كبيرًا بين الكَذِب الذي يجري على لسان البالغ المكلَّف، والحيلة التي يلجأُ إليها الصَّغِير لحماية نفسه من العقاب المبرح أو لتعويض الشعور بالنقص أو لوقوعه تحت تأثير خياله الجامح، ومن الطبيعي ألا يتعجَّل المربِّي وَصمَ الطِّفْل بالكَذِب، والأوْلى من ذلك أن يَبحَث المشكِلة مِن جذورها فيتعرَّف الدَّوافع والظروف والبيئة التي جعلت الطِّفْل يسلك مثل هذا السلوك.
ولا زال الطِّفْل في بَرِّ الأمان، ولا زالت الأسرة كذلك في بَرِّ الأمان، ما دامت تهتم بدراسة ما يصدر عن الطِّفْل من سلوك بالملاحظة والتتبُّع، وما دامت تحرص على تفسير ما يصدر عنه في ضوْءِ خصائص نموِّه والدوافع التي تحرِّكه، وتدرس البيئة المحيطة به - من المعاملة المنزلية والمدرسيَّة - لتُعيد النَّظر في سائر الظروف المحيطة بالطِّفْل، ولتوفِّر له إشباعَ حاجاتِه الجسميَّة، كتَوْفير الغِذاء المناسب والملبس المُناسب، وإشْباع حاجاتِه النفسيَّة، كالحاجة إلى المحبَّة والتقدير والعطف، وحاجته إلى الحريَّة واللَّعب والانطلاق، تعبيرًا عن نشاطاتِه المتدفِّقة، وحاجته إلى التَّوجيه والإرشاد، وحاجته إلى النَّجاح، مما يدخُل في الدراسات التي يهتم بها علم النفس، معاونة له على اجتياز كثير من الأزمات التي يمر بها في حياته؛ نتيجة للتضييق عليه أحيانًا، ولحرمانه من المحبَّة والعطف أحيانًا أخرى، ولإنزال أقسى العقاب البدني به في حالة ثالثة مما قد ينتهي به بالفعل إلى الانحِراف عن طريق التربية السليمة[2].
إنَّنا نحاول في هذا البحث أن ندرس ظاهرة لجوء بعض الأطفال أحيانًا إلى الكَذِب، وسوف نحلِّل بعض المواقف التي تؤدِّي إلى لجوء الطِّفْل إلى الكَذِب، فنعرف أسبابه وصوره، وكيف يكون موقف الأب والأم والأسرة والمدرسة من هذه الظاهرة؟ بل وكيف نحميه من الوقوع بحقٍّ من براثن المشكلة معتمدين في ذلك على ما تقدمه الدراسات المتطوِّرة في علم نفس الأطفال، وعلى المبادئ والأسس التي أرساها ديننا الحنيف؛ لنضمن النمو السليم لقوى الطِّفْل واستعدادته بما يؤهله للتواؤم الكامل في المجتمع المسلم.
تعرف طفلك
قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15].
يحرص كل صاحب مِهنَة أو حرفة على تعرُّف المواد التي يتعامل بها؛ فالنَّجار يعرف جيدًا أنواع الخشب، ومصادره، وطريقة التعامل معه، وكيفية تصنيعه، وقُدرة كل نوع من أنواع الخشب على الاحتمال، كما أنه يعرف طريقة حفظه وصيانته وتجديده، إلخ.
والشيء نفسه يُقال عن صانع الأبسطة والسجاد، فهو يعرف أنواع الغزل والخيوط التي تستخدم في هذه الصناعة، ويعرف مصادره وصلاحية كل نوع منها للأغراض المختلفة، ويعرف كذلك كيفية التعامُل على أنوال النسيج اليدويَّة أو الميكانيكيَّة، ويعرف الكثيرَ عن الأصباغ التي تُستخدَم في صناعة السجَّاد، وعن المساحات والأنواع المتوفرة في السوق، والشيء نفسه يحدث في مجالات المهن المختلفة.
ومن المؤسِف أننا – كآباء أو كمعلمين – نتحمَّل مسؤولية خطيرةً في تربية النشءِ، ولكنَّنا لا نعرف إلا القليل عن خصائص نمو الأطفال الذين نتعامل معهم ونعدُّهم لتحمل المسؤولية، أخطر مسؤولية للأجيال القادمة.
يتحدَّث البعض منَّا بثقةٍ عن الاستعدادات الكامنة لدى الطِّفْل منذ لحظة تكوُّنه جنينًا في رحم الأم، لكنَّنا قد لا نعتني كثيرًا بتعرُّف العمر الزَّمَني للطفل الذي تظهر فيه بعض تلك الاستعدادات، وإذا كان البعْضُ منَّا يعرف أنَّ تلك الاستعدادات التي يُولد بها الطِّفْل تشمل الاستعدادات للنُّمُوِّ الجسْمي والعضلي والحركي، والاستِعْدادات العقليَّة تظهر على هيئة قدرات على الملاحظة والانتِباه والإدراك، وقدرات على التَّفكير والتذكُّر، والتخيُّل والتصوُّر، إلى جانب قدُرات على التَّحليل والتَّقييم والاستِنْتاج واستعدادات للنُّمو اللغوي تَجعل الطِّفْل قادرًا من خلال نموه في السنتين الأوليين على ترديد بعض الألفاظ البسيطة مثل: (بابا)، و(ماما).
ثم إنَّه في المرحلة التي تلي ذلك في السنة الثالثة والرابعة والخامسة من العمر طفلٌ ثرثارٌ كثيرُ الأسئلة، يُحاول أن يفرض نفسه على الأسرة الصَّغِيرة حوله، ليقوم ببعض الأدوار التي يقوم بها الكِبَار فيها كالمعاونة على الأعمال المنزلية، والمشاركة في مشاهدة التلفاز، والخروج مع الأم أو الأب ليستكْشِف العالم خارج دائرة البيت الصَّغِيرةِ.
وقد يعرف البعض منَّا كذلك أن الطِّفْل يولد باستعدادات انفعالية وجدانية تعبِّر عن نفسها في مواقف شتَّى خلال سني حياته الأولى في البيت، بين البكاء والغيرة، والخوف والاستطلاع، والحب والبغض، إلخ، وإذا كنَّا نصف طفل الثالثة من العمر بحدَّة الانفعالات، وبتقلُّبِه السريع من السرور إلى البكاء، ومن الحب إلى البغض، فإن الاتزان الانفعالي الكامل للناشئ يرتبط بتكوين العواطف الثابتة المستقرَّة نحو الناس والأشياء حوله، وهذا لا يتأتَّى إلا في مرحلة متأخِّرة نسبيًّا، بل إنَّ هذا الاتِّزان الانفعالي لا يستقرُّ تمامًا إلا بعد اجتِياز مرحلة المراهقة.
وقد يعرف البعض منَّا شيئًا عن النمو الخلقي للطفل الذي يظهر على هيئة قِيَم واتجاهات تميز سلوك البالغ الراشد، لكنَّ طفلنا الصَّغِير - خلال الفترة الطويلة التي يقضيها في البيت منذ الميلاد حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي على الأقلِّ - يَكتَسِب الكثير من القيم والاتجاهات السليمة من الأسرة والمدرسة، بالقدْوة الصالحة التي يجدها هنا وهناك، وبالنصائح والإرشادات التي يجدها باستمرار لدى آبائِه ومعلِّميه، ويمتصُّها كذلك من خِلال المشاركة المطَّردة في حياة الجماعة التي ينتسب إليْها، بلْ إنَّ جوهر التربية الخلقية الصحيحة يمتصه الناشئ من دروس التربية الإسلامية والتزامه بآداب الدين وقيمه، وأدائه لواجباته وفروضه من صلاة وزكاة وصوم، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.
هذه لمحةٌ عامَّة قصدنا بها أن تحرص على تعرُّف طفلك بطريقةٍ أكثرَ عمقًا[3].
لمحة عن خصائص النمو في المراحل العمرية المختلفة
يمر الطِّفْل في حياته بأطْوار متعدِّدة من مراحل النُّمو، فهو في سِنِّ المهد غيرُه في سنِّ الحضانة ورياض الأطفال، غيرُه في سن الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية، غيرُه في الصفوف الأخيرة من تلك المدرسة.
وهو في المرحلتين المتوسطة والثانوية شابٌّ يُشارك في مناشط الحيَاة اليومية للكبار، ويلتزم بالقيم التي يلتزمون بها، ويشاركهم أفكارهم ومشاعرهم، ويُسهِم معهم بنصيب في حمل أعباء الحيَاة التي يعيشونها، ويَسلُك ما يسلكون من سلوكيات الحيَاة.
ومن الظلم للطِّفْل الصَّغِير في الثالثة أو الرابعة أو الخامسة أو حتَّى السادسة من العمر أن نطلب منه أن يلتزم بالمعايير التي يأخذ بها الكِبَار في حياتهم.
فطفل الثالثة – على سبيل المثال – يُكثِر من الأسئلة عن أسماء الأشياء التي تقع تحت بصره وسمعه في المكان الذي يوجد فيه، وهو يكرر السؤال نفسه مرارًا وتكرارًا، ونحن الكِبَار لا ينبغي أن نطالبه بالسكوت أو الكفِّ عن الأسئلة والالتزام بالأدب والصمت؛ لأن أسئلة الطِّفْل الكثيرة نشاط طبيعي تلقائي لدى معظم أطفال هذه السن، يَحصلون عن طريقها على الكثير من المعلومات والألفاظ والأسماء للعالم الذي يعيشون فيه، فضلاً عن أنَّهم يكتسِبون الثقة بالنفس عندما نستمع إليهم ونجيب عن أسئلتهم، ويشعرون أنَّهم نُظَراءُ لنا، يتحدَّثون معنا فنستمع إليهم، ونجيبهم عمَّا يسألون.
وطفل الرابعة كثيرُ الحركة يتسلَّق ويقفز ويثب، ويضرب الأرض بقدميه، ويصل إلى الأشياء الموضوعة بعيدًا عنه، ويصرُّ على حمل الأشياء بصرف النظر عن وزنها، يريد أن يثبت قوته وسيطرته على العالم، وعبثًا نُحاول أن نُثنِيه أو أن نطلب إليه التوقف، فنشاطه تلقائي طبيعي، من الخير له ولنا أن نوفِّر له الطريق الصحيحة لإشباعه، ولا يمكن أن نفرض عليه الالتزام بالأدب والجلوس - كما يَجلس الكِبَار - مستقرًّا دون حركة.
وطفل الخامسة كثيرًا ما نجده مشغولاً بِلَعِبه أو بالعالم الخاصِّ الذي يهيِّئه لنفسه، فهو يوظف كل ما يقع تحت يده فيما يسمى (باللَّعِبِ الإيهَامِي)[4].
فالعَصَا يَركَبُها لتصبح حصانًا يَقفِز به في أرجاء الحجرة، ويخاطبها كما يخاطب الفارس حصانه، والمِنضَدَة يقلِّبُها لتصبح عَرَبَة يجرها في كل مكان، وذراعاه يفردهما ليصيرا جَناحَي طائرةٍ، وغطاءات الزجاجات الفارغة تصبح أطباقًا يدور بها، وكأنَّ بها طعامًا.
وقد يجمَع حوله غيره من الأطفال ليقوم بدور الأب والأم أو المعلم يلقي بتعليماته, يؤكد لهم أنَّها يجب أن تُطاعَ، وقد يقلِّد الشرطي فيقف في منتصف الحجرة لمنع المرور بحجَّة أنَّ الإشارة حمراء. شامل تغريدات عن راس السنة صور عن النبي محمد صور بمناسبة المولد النبوى الشريف صور حرف L صور بمناسبة العام الجديد 2017 كلام عن بدايه العام الجديد تغريدات عن العام الجديد صور ادعية اسلامية صور دينية صور ادعية صور حرف K عبارات ترحيب بالسنه الميلادية شعر عن السنه الجديده 2017 صور حرف J كلام حلو عن السنه الجديده 2017 صور عن المساء كلام جميل عن راس السنه 2017 صور حرف I رسائل تهنئه بالعام الجديد 2017 صور عن التواضع عبارات تهنئة بالبيت الجديد صور حرف H رسائل ليلة راس السنة 2017 صور بنات مجروحة صور حرف G صور تهنئة بالسنة الجديدة 2017 عبارات تهنئة بالحمل صور حرف F كلمات شكر للام صور عن السفر كلام عن الصمت عبارات تهنئة للعروسة والعريس صور حرف E صور عن الصمت صور زوجي حبيبي صور رمزيات تهنئة بالعام الجديد 2017 صور عن الحياة صور حرف D دعاء التوفيق والنجاح صور عن الذكريات صور المنتخب السعودي صور حرف Z صور حرف C صور حرف B صور حرف A.
وكل هذه أنواع من اللعب التمثيلي الإيهامي، يُهيَّأ للطفل فيها أنه يعيش في عالم واقعي جادٍّ محسوس[5]، ومن وِجْهةِ نظر التربية، فإنَّ هذا اللعب يمثل مرحلة مهمَّة في تكوين الشخصية الاجتماعية للطفل؛ لأنه يساعده على فَهْمِ ما يدور حوله من المجتمع، وتقبُّل الأدوار التي تَنتَظِرُه كفرد في هذا المجتمع.
ولا يَنبَغي أن يتصدَّى الكِبَار للطفل بالمَنْع والإعاقة والتدخُّل أو السخرية من العَمَل الذي يقوم به؛ لأنه نشاطٌ طبيعي تلقائي في مرحلة مبكِّرة من العمر يعد الطِّفْل لحياته في المراحل التالية.
وطفل السادسة عندما يذهب إلى المدرسة يجد أسلوبًا مختلفًا من المعاملة؛ فهو الآن مسؤول عن الاستيقاظ في وقتٍ باكر في الصباح، وهو مسؤول عن حمْل أدواته المدرسية، وعن مواجهة المعلم أو المعلِّمة، وعن معايشة غيره من الأطفال الآخرين، وعن أداء الواجبات المدرسية، وهو عُرضَة للوشاية به لدى المعلم أو المعلِّمة من الأطفال الآخرين في سِنِّه، ومن زملاءِ فصله عندما يغارُون من ملبسه، أو من مظهره، أو عندما يحسدونه على ما يقتنيه من لعب وأدوات، فَهَذا طفلٌ يدَّعي عليه أنَّه يأخذ أغرَاضَه، وهذا طفلٌ آخَر يقول عنه: إنَّه ضربه، وهذا ثالثٌ يقولُ عن آخر: إنَّه يعطله عن الكتابة.
وهذا طفل لم يعمَلِ الواجب المنزلي، وذلك طفلٌ آخَر يعجز عن تقليد خط المعلم أو المعلِّمة، وهذا طفل ثالث قد ضاع منه قلمه فجلس دون عمل، ومن ينجِّي هؤلاء جميعًا من عقاب المعلم أو المعلِّمة إذا لم يُمنَحا من الله هبةَ الصبر على الأطفال، ومن قبل المسؤولين الإعدادَ من أجل تكوينها كمعلِّمة، تفهم بطريقة صحيحة سلوكيَّات الأطفال، ونوع العقاب الذي يمكن أن توقعه بهم؟!
والطِّفْل قد يلجأ إلى أساليب طفلية ليحمي نفسه من العقاب.
في الأمثلة العديدة التي طرحناها قد يلجأ الطِّفْل إلى أساليب طفلية مختلفة؛ ليحمي نفسه من عقاب السلطة المُرَبِّيَة.
فهو قد يعد بالكف عن القفز والتسلق والوثب، ولكنه سرعان ما ينسى وعده تحت وطأة نشاطه العضلي المتدفق، فيعود ويعود إلى ما وعد بالكف عنه.
وهو قد ينسب إلى غيره من الأطفال ما لم يفعله حماية لنفسه من قسوة العقاب، أو تزلفًا إلى السلطة المشرفة، وتَقَرُّبًا إليْها.
وقد يَنسِب إلى نفسه إنجازَ عمل (كواجب مدرسي مثلاً) لم يعمله هو، وإنَّما عمله غيره بغرض تفادِي اللَّوْم والعقاب.
الدَّوافع التي تُحرِّك سلوك الطِّفْل
إنَّ ما نُشاهِدُه باستِمرار من أطفالِنا هو (السلوك الظَّاهري) الذي نُلاحظه باهتمامٍ أحيانًا، وبعدم الاكتراث أحيانًا أخرى، في البيئة (المنزل – المدينة – المجتمع)، لكننا قلَّما نُفكِّر في القوى الكامنة في الطِّفْل والتي تُعَد الطَّاقة المحرِّكة لذلك السلوك، وتلك القوى هي ما يعبَّر عنه بالدوافع، والواقع يظل الفرد في حالة من القلق حتى يُشبِع هذا الدافع أو الدَّوافع، فالإنسان الجائع يظلُّ في حالة توتُّر وقلَق حتى يجد الطعام فيأكل، فيشبع الدافع الذي ظَلَّ مسيطرًا عليه لفترة معيَّنة، وهو دافع الجوع، والبحث عن الطعام يستوي فيه الصغار والكِبَار.
والصَّغِير في الثالثة أو الرابعة من العمر إذا ما شاهد أمَّه تلبس ملابس الخروج لزيارة إحدى القريبات، نجِده في حالة من التوتُّر المطلق إذا ما أحس أن أمَّه ستتركه في البيت تحت رعاية الإخوة أو الخادم، فهو يجري هنا وهناك يَجمع حذاءَه وملابِسَه ويصرخ، طالبًا عون القريبين منه في مساعدته على اللبس؛ ليقف بجوار باب المسكن ينتظر لحظةَ خُروج الأمِّ؛ ليتشبَّث بها، مستعينًا بالصُّراخ والبُكاء، وربَّما كان الدافع في هذه الحالة الأخيرة هو الكشْف والاستطلاع للعالم خارج البيت، كما أنَّه قد يكون طلب الأمْن والأمان في مصاحبة الأم، وعدَم مفارقتها، بل قد يكون كذلك رغْبته في الحصول على شيءٍ من الحلوى التي تقدَّم للزَّائرين عند الجيران والأقارب، كما قد يكون خشية الوحدة في غِياب الأم أو العقاب من بعْض المحيطين به.
هذان مِثالان للدَّوافع المحرِّكة للسلوك، ونَحنُ إذا ما أمعنَّا في حياتِنا اليوميَّة سوف نَجد أنَّه ما من سلوكٍ تقوم به إلا ووراءه دافع، من ذلك مثلاً النَّشَاطات التي تقوم بها لجمْع المال، والتي تقوم بها لكسب محبَّة الآخرين، وتلك التي تقوم بها إرضاءً لوجه الله - تعالى - وطمعًا في ثوابه وجنَّته.
والدَّوافع بهذا الوصف قد تكون دوافع أوليَّة، كالجوع والإخراج والنوم والعطش، ويترتَّب على عدم إشباعها إضرارٌ جسيمٌ بحياة الإنسان في المجتمع، مثل: السعي للحصول على النجاح والتقدير، والسعي للحصول على محبة الآخرين ورضاهم، والنضال من أجل الحرية، والسعي للاقتناء والملكية، والحاجة إلى الخضوع لسلطة ضابطة موجَّهة هي النظم الموضوعة أو التعاليم الإسلامية، ويترتَّب على عدم إشباع هذه الطائفة الثَّانية من الدوافع خلل في توافُق الفرد وتكيفه مع بيئته، وقد يدفعه إلى أن يسلُك طرقًا لا يقرُّها العرف ولا المُجتمع ولا الدِّين[6].
علم النفس يَهتَم بدراسة الدوافع
لأنَّ موضوع الدراسة في علم النفس هو (السلوك)، فَقَد ركَّزَت مباحثُ علْم النَّفس خلال القرْنين الأخيرين على تقديم تفسيراتٍ نظريَّة، توضِّح القوى المنشِّطة والمحرِّكة لهذا السلوك. شامل توقعات الابراج 2017 توقعات ابو علي الشيباني توقعات العرافة البلغارية 2017 توقعات هالة عمر للابراج توقعات السعودية 2017 توقعات نوستراداموس 2017 تنبؤات مصر 2017 توقعات احمد شاهين 2017 تنبؤات عام 2017 توقعات محمد فرعون 2017 توقعات 2017 للعالم توقعات 2017 للسعودية توقعات 2017 للعراق توقعات سمير طنب 2017 توقعات 2017 لسوريا توقعات عبد العزيز الخطابي 2017 توقعات 2017 لليمن توقعات ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات مصر 2017 توقعات مايك فغالي 2017 توقعات لبنان 2017 توقعات ميشال حايك 2017 توقعات الابراج ليلى عبد اللطيف 2017 توقعات منى احمد للابراج توقعات الابراج عبير فؤاد 2017 توقعات الابراج ميشال حايك 2017 توقعات الابراج احمد شاهين 2017 توقعات الابراج وسام السيفي 2017 توقعات الابراج 2017 سعيد مناع توقعات الابراج 2017 حسن الشارني.
الغرائز محاولة لتفسير السلوك
نادى فريقٌ من عُلماء النَّفس في القرْن التَّاسعَ عشَرَ، وعلى رأسهم (مكدوجل) بأنَّ الإنسان يولَد في هذا الكون مزوَّدًا باستعداداتٍ عصبيَّة فطريَّة نفسية، تجعل هذا الإنسان ينتبه إلى موضوعات معيَّنة فيدركها، فينفعل بانفِعال خاصٍّ فينزع نزوعًا معيَّنًا، وأطلقوا على تلك الاستعدادَات الفطرية العصبية النفسيَّة: اسم الغرائز، واجتهدوا في حصر الغرائز التي يولد بها الطِّفْل الآدمي، والتي يشترك معه فيها بعض الحيوانات، وقدَّموا قوائم مختلفة بالغرائز التي أدركوا أثرها في السلوك، ومن ذلك: غريزة البحث عن الطعام، وغريزة السيطرة، وغريزة الجمع والاقتِنَاء، وغريزة الخوف، والغريزة الجنسيَّة، وغريزة المقاتلة، وغريزة حب الظهور، إلخ.
وركَّز هؤلاء العلماء على أنَّ للغريزة أركانًا ثلاثة، تحكم السلوك الغريزي، وهذه الأركان تبدأ بـ:-
1 – الإدراك.
2 – الجانب الوجداني الانفعالي.
3 – النزوع.
فالإنسان أو الحيوان يدرِكُ وجود الطعام فيحسُّ الجائع بانفِعالات حشويَّة صادرة عن المعدة والأمعاء، فينزع إلى تناوُل الطعام.
وبالمثل فإنَّ الإنسان يدرك مصدر الخطر (حيوان مفترس، نار مشتعلة، إلخ) فينفعل بانفعال خاص هو (الخوف)، فينزع أو يسلك بطريقةٍ معينة هي (الهرب).
وكان لنظرية (الغرائز) أنصارٌ عديدون، منهم (أدلر) الذي نسب سائر مظاهر السلوك الإنساني إلى غريزة واحدة هي (غريزة السَّيطرة)، ومنهم كذلك (فرويد) الألماني والذي قال بأنَّ سائر مظاهر السلوك الإنساني تسعى لغايةٍ واحدة هي (الحصول على الجنس الآخر).
وأيًّا كان موقف المدارِس المختلِفة من (نظرية الغرائز)، فقد ثبتَ في الدارسات الحديثة أنَّ مُحاولة حصْر الغرائز في عددٍ معيَّنٍ، أو التوسُّع فيها ليشمل أكثر من غريزة، لا تكفي وحدَها لتفسير دوافعِ السلوك الإنساني [7].
الحاجات النفسيَّة لتفسير السلوك
ظلَّ موضوع دوافع السلوك الإنساني لفترة طويلة الشُّغل الشاغل لعلماء النفس، وكلُّ فريقٍ منهُم يقدِّم التَّفسيرات التي تعبِّر عن المدارِس التي ينتمي إليْها.
ونادى عُلَماءُ النَّفس الاجتماعي بأنَّ المسؤول عن ظُهور السلوك الإنساني هو وجود أيِّ حَيْدٍ عن الشُّروط البيئية المُثْلى اللاَّزمة لتوافُق الإنسان (أو الحيوان) مع بيئتِه.
فالتَّركيز هُنا على أهمِّيَّة الشروط البيئيَّة المثلى، وهي تتضمَّن - بالطَّبع - توفير الأمان في البيئة، وتوفير المحبة والعطف، من مأكل، وتوفير الحرية للكائن الحي بما لا يضرُّ بالغير، وتوفير الحاجات الأساسية من مأكل وملبس ومشرب؛ لأنَّه إذا لم تتوافر هذه الشروط نشأت الحاجة، والحاجة تجعل الإنسان يعاني التوتُّر والقلق حتى تتعدَّل الشروط البيئية لتوفر له ما يحتاج إليه، فيتم اختزال الحاجة، ويعود الاتزان إلى الكائِن الحي، وتتم المواءمة بينه وبين البيئة مرَّة أخرى.
إنَّنا، ونحن نتصدَّى لمعالجة المشكلات السلوكية للأطفال، لا نستطيع اتخاذ أيِّ خطوة صحيحة نحو علاج المشكلات، ما لم يتوافر لنا فهْمٌ كامل عن خصائص نمو الطِّفْل في النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية والخلقية، إلى جانب فهْم الدَّوافع المحرِّكة لسلوكِه، ومراجعة الظروف البيئية المحيطة؛ به ليتسنَّى لنا توجيهُ هذه البيئة بِما يحقِّق النُّمو السليم المتكامِل للطِّفل.
دراسات التعلم الإنساني
يُخصص علم النفس التعليمي جانبًا كبيرًا من مباحثه لدراسة التعلُّم الإنساني، كيف يتعلم الطِّفْل؟ وبمعنى آخر: كيف يتم تعديل السلوك الذي يقوم به الآن إلى مستوى آخر تقبله الأسرة، وتقبله المدرسة، ويقبله المجتمع؟ ومن حسن الحظِّ أنَّ فترة الطفولة في حياة الكائن الحي تمتَدُّ لسنواتٍ طويلة، يكون فيها تحت أعيُن الأسرة والمدرسة، يتولَّيانه بالتعليم والتوجيه وينقلانه من أنماطٍ من السلوك إلى أنماطٍ أخرى أصلح وأفضل.
وإسهامُنا في حلِّ المشكلة السلوكيَّة للأطفال، هو دورٌ نقوم به في تعليم الناشئ لأنواعٍ أخرى من السلوك أكثرَ قبولاً في الوسط الاجتماعي، ولكن هل يتسنَّى لنا أنْ نقوم بالتعليم، ونحن لا نعرف شيئًا عن: كيف يتم التعليم؟
هل نترك الطِّفْل يتعلَّم بالمحاولة والخطأ، مع ما في ذلك من مخاطرة قد تضُرُّ بتكوينه الجسدي والنفسي؟ وعلى سبيل المثال: إذا لاحظنا أنَّ الطِّفْل قد بدأ يندمج في رفقة سوء، هل نتركه حتى يجرَّه هذا السلوك إلى الوقوع تحت طائلة النُّظُم؟
هناك حدود معيَّنة لترك الطِّفْل يجرِّب ويخطئ ويتعلَّم من خطئه؛ فقد يصلح ذلك من تعلم مسألة هندسية أو حسابية أو حلِّ لغزٍ من الألغاز، لكنَّه لا يصلح إطلاقًا لتعلم الميول والاتجاهات، والقيم والمفاهيم الصحيحة في كلِّ ما يخصُّ حياة الإنسان.
يمكن أن نرتِّب الموقف التعليمي فيما يتَّصل بالمعاونة على حل المشكلات السلوكية للناشئة واستبصاره لجوانب المشكلة، وهذا ما يطلق عليه (التعلُّم بالبداهة والاستبصار)؛ حيث تشترك الوظائف العقلية والذَّكاء والخبرة السابقة في تَحْديد التَّعلُّم المطلوب، بفضْل الإعْداد الجيِّد للموْقِف التَّعْليمي وتنظيم مَجالِه.
كذلك يُمكن أن يتم التعلُّم باشتراك المتعلم في تحديد المشكلة، وحصْر أبعادها ودراسة الحلول الممكنة للتَّخلُّص منها، والاتِّفاق على الأخْذ بأحد هذه الحلول، بِحيثُ يتحمَّل العَمِيل مسؤولية التَّنفِيذ، وأن يُدرَّب على تقويم مدى التَّقدُّم الذي حدث، عن طريق إبدال سلوك جديد بالسلوك غير المرغوب فيه[8].
إنَّ توظيف مَبَاحث التعلُّم الإنساني في المعاونة على حلِّ المشكلات السلوكية للناشئة: أمرٌ لا غِنى لنا عنْه نحن الآباء والمعلمين والمرشدين النفسيين؛ إذ تمدُّنا هذه الدراسات بفَيْضٍ وافِر من المعلومات عن طريقة تكوُّن المدركات، وعن أهمية تنظيم وترتيب الموقف التعليمي، وعن كيفية استخدام أساليب التعْزيز الإيجابي والسلبي، في تثبيت السلوك الناجح للمتعلم، عندما يتحقق له بعض التقدم عَلَى طريقِ الخلاص مِن المشكلة.
ومن حُسْن الحظِّ أنَّ المصادر في موضوع التَّعلُّم عديدة، يمكن أن يُفِيد منها الآباء والمعلمون وغيرهم.
الإرشاد والتوجيه
من فروع علْم النَّفس الحديثة، ذلك الفرْع الذي يضَع الأسُس السليمة للاستِفادة من مباحث الإرشاد والتَّوجيه في معاونة العميل على التخلُّص من مشكلته، ومن أهم المبادئ في الإرشاد والتوجيه توافُر الثقة الكاملة بين الموجِّه والعميل، وترك الحرية للعميل للتحدُّث بإفاضة عن سبب المشكلة ونشوئها، والمعاملة المنزلية والمدرسية التي يلقاها، ومنها: أن يسود المقابلة جوٌّ من التقدير المتبادل مع التعاطُف مع صاحب المشكلة، وعدم التهويل في حجمها، وأن يؤخذ في الاعتبار سائرُ الظروف المحيطة بالعميل في تكوينه الشخصي وفي الوسط الذي يعيش فيه.
وقد يسفر عن الإرشاد والتوجيه تغيير الفصْل أو المدرسة التي يذهب إليها الطِّفْل، كما قد ينتج عنْه تعديل اتِّجاهات ومواقف الأبويْن نحو صاحب المشكلة، وقد يُسفِر عن توجيه العميل إلى الفحص الطبي لوجود مشكلة صحيَّة عميقة الجذور، كما صاحب التوجيه والإرشاد غالبًا لقاءاتٌ مع سائر المحتكِّين بالطِّفْل في البيت، ومع معلمي المدرسة لتكتمل الصورة عن المشكلة [9].