نعيد نشر المقال لمن يهمه الامر .................................

محمد سالم بن بريك
ما أن تطي قدامي مسقط راسي مدينة ( الشحر ) حتى يلتف حولي أهلي وناسي ، الذين لا يتركون فرصة لي لألتقط أنفاسي من عناء السفر الطويل وملل الطريق ليبادر الجميع بكثير من اللهفة والشوق في طرح السؤال الهام ، كيفك ، وكيف أخبار أهل المهرة ؟ والبعض يسأل ( خبور ؟ ) متباهياً بمعرفته لغة أهل المهرة الجميلة ، إنهم لا يكلـّون ولا يملـّون أسئلة ً ، كيف حوف وكيف خريف هذا العام هناك ؟ كيف أهل الغيضة وسيحوت وقشن ؟ كيف .. وكيف .. وكيف ؟ لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ّ ويسألونك عنها .
لقد لاحظت ذلك الشغف والولع والعشق للمهريون أو ( المهرة ) في عيون أحبائي وأصدقائي في كل مكان قدّر لي الله أن أتواجد فيه ، وحيثما ذهبت ولم أكن أندهش أو لأتعجب من تلك المشاعر الفياضة والمتدفقة لأنها ليست غريبة ـ بالنسبة لي ـ فأنا أيضاً مثلهم هي في دمي ، أعرفها مثل ما أعرف أسمي ، فلقد تربيت وشبت عليها فلقد تعلمتها من والدي وأمي .
( المهريون أو المهرة ) أليس هم من تغنى وقال فيهم شاعر الشحر وحضرموت واليمن والجزيرة العربية الشاعر الكبير الخالد حسين أبوبكر المحضار:
مشتاقين للربع في الغيضة مشتاقين
مرتاحين أو بعد ما هم غير مرتاحين
شوفوهم وتخبروا عنهم
زوروهم لمـّا أماكنهم
قالوا حولهم زهر ورياحين مشتاقين
ثم عاد ليصفهم في إحدى أروع أغانيه وبأدق التعابير والتفاصيل الرائعة وليخاطبهم بعاطفة غاية في الروعة و الجمال والرقة عندما قال :
وشكم بعد غيبتكم يا حلان في الغيضة وصفوا الناس طيبتكم وأياديكم البيضة
قالوا كل شئ عندكم زين
قالوا في ثراكم دواء العين
ونا محروم حتى من الشوف
طريق أهل الهوى كلها نوف ... ولا جاذب قريبة ولا حوف


وما يجهله كثيرا ً من القراء الأعزاء هو أن المحضار ( رحمه الله رحمة الأبرار ) قد تعرض لنقد ٍ شديد وهوجم من قبل منتقديه الذين اتهموه بالمبالغة والإسراف في حب وعشق أهل المهرة وخير دليل على ذلك أغنية :

( ما بدى حد من الغيضة تعوّض نحذ ّر حسين من هذا التعرّاض )
إلا ّ أن المحضار قبل تحدي منتقديه وأصر على حبه وعشقه لأهل المهرة ورد على ذلك :

قال لي خل التعرّاض أيش يبغى من تعرّاضي
عاد ما هي تحت الأنقاض عاد ما سلـّمتها القاضي
عادنا رغبان في الغيضة
في الهوى لي قلب هياض لا عمد في شعب به راض
ما همر برده ولا قيضة
عادنا رغبان في الغيضة

إنني على يقين ولا أشك لحظة بأن المحضار لم يكن يصف ويعبـّر عن مشاعره الذاتية الشخصية في حب المهرة وأهلها فحسب بل كان يعبـّر عن مشاعر وأحاسيس ملايين ( الحضارم ) الذين يعشقون المهرة والمهريون حتى النخاع ( رحمة الله على المحضار ) .

بطبيعة الحال ، هذا العشق الجنوني للمهرة لم يأتي من فراغ ـ إن جاز التعبير ـ ولم يتفجر في قلوب ووجدان الحضارم فجأة أو اعتباطا بمحض الصدفة أو كما يسمى بـ ( حب أول نظرة) فعلاقة المهرة بحضرموت هي علاقة توأمة ، هي علاقة تاريخ وجغرافيا منذ الأزل وبالتالي هي علاقة ( دم ) فالدم المهري والحضرمي قد اختلطا وامتزجا عندما هب المهريون لنجدة إخوانهم في مدينة الشحر وخاضوا معهم معارك طاحنة دفاعا ً عن هذه الأرض الطيبة ضد البرتغاليين الغزاة في غابر الأيام وقد أستشهد العديد من أبناء المهرة في أرض حضرموت ( رحمة الله على شهداء المهرة وحضرموت ) ، هي علاقة ( دم ) فكثير من العائلات المهرية وخاصة الهاشمية منها تنحدر من أصول حضرمية وبالمقابل أيضاً هناك أسر حضرمية تنحدر من أصول مهرية .
أتذ ّكر عندما كنت أذهب إلى عدن كان البعض يسألني ، أنت من المهرة أو حضرموت ؟ ذلك بسبب تشابهنا الكبيرـ في كل شئ ـ إبتداءاً من الشكل والملامح ولون البشرة مرورا ًبأسلوب ارتداء الزى والملابس الشعبية وحتى في طريقة المشي وانتهاء ً بعادة تعاطي التمباك القبيحة.
لا أعتقد أن حب الحضارم للمهر يون أو ( المهرة ) هو حب ( من طرف واحد ) فأنا على يقين بأن كثيراً من ( المهرة ) يبادلون ( الحضارم ) نفس مشاعر الحب ويكنون لهم كل التقدير إلا من رحم ربي ...
ما استفزني لكتابة هذه العجالة هو سماعي لأحد المارة ( المهرة ) وهو يتهجم على أحد المارة ( الحضارم ) ويقول له : ( حضريمي خس ذا حبو ) وتعني بالمهرية الحضرمي أخس الناس أو البشر ، بداية ً لم أكثرت بالأمر ولم أعطيه أهمية واهتمام ، ولكن بمرور الزمن سمعت تلك العبارة أكثر من مرة ، وعندما سألت وبحثت في الموضوع تأكد لي بأن تلك العبارة ( العنصرية ) هي ظاهرة منتشرة على ألسن بعض الأصوات الشاذة خاصة بين أوساط الشباب المهري وبصراحة أقول لهم ( عيب ) فهذه ليست أخلاق أبناء المهرة التي نعرفها .
تألمت كثيراً من هذا الوصف القبيح ( للحضارم ) لأنهم لا يستحقون ذلك فهم شرف الأمة وفخرها ، هم أصحاب حضارة ورقي في التعامل الإنساني ويشهد لهم في ذلك تاريخ شرق آسيا وأفريقيا في حسن المعاشرة والتحلي بالأخلاق الحميدة ، تألمت لأن هذه العبارة جاءت من ( المهرة ) وهم الأقرب إلى ( الحضارم ) من حبل الوريد ، هم الجار العزيز، والصديق الحميم .

إنني لست بصدد الدفاع عن ( الحضارم ) كوني حضرمي ( أستغفر الله ) ولكن من باب الإنصاف والعدل ليس إلا ّ ، فالحضارم لم يبخلوا يوماً في مد يد العون لإخوانهم ( المهريون ) في كل الأزمنة فهم أول من وفد إلى هذه المحافظة وشاركوا بفاعلية لا نضير لها في مجالات التعليم والإدارة والتجارة في وقت كانت فيه محافظة المهرة في أشد الحاجة لذلك ، كانوا يرون أن ذلك واجب مقدس اتجاه أخوة لهم وأجزم إن كثيراً من أبناء محافظة المهرة الطيبون يدركون هذه الحقيقة ويقدَرون دور أبناء حضرموت في بناء ونهضة محافظة المهرة ، إلا هؤلاء القلة القليلة نسأل الله أن يهديهم ، فما جزاء الإحسان يا هؤلاء إلا الإحسان ، أم أنا يا أيها المهريون غلطان !
نشر بتاريخ 28-03-2012 موقع المهرة اليوم

---

اولا احب الاعتذارالشديد  عن الغياب الطويل عن منتدانا الحبيب منتدى حوف وذلك بسبب ظروف قاهرة خارجة عن إرادتي .

وثانيا استوقفني موضوع ( عتاب من الشحر ) لأسباب :

اول هذه الاسباب عندما يكتب الحضارم واهل الشحر عن دور المهرة التاريخي في الدفاع عن الشحر ضد  الغزاة البرتغاليين وكأنهم جاؤا لنجدة الشحر الحضرمية من بلادهم " بلاد المهرة " كما يحلوا لمؤرخي حضرموت الإيحاء بذلك وترسيخه في أذهان وعقلية أهل الشجر وما جاورها من البلاد المتاخمة لها إلى الغرب , ويخفون الواقع والحقيقة أن المهرة كانوا اكبر وأكثر سكان الشحر وكانوا هم أهلها ولم يمضي على احتلالها غير عقود من قبل الحضارم القادمين من حضرموت في غزوهم بلاد الشحر ومنها مدينة الشحر , وأنه إلى ذلك التاريخ لم يكن يطلق على تلك البلاد حضرموت .

الأمر الثاني : أن الشحر المدينة هي مدينة مهرية بأمتياز على مدى تاريخها الجاهلي والإسلامي إلى منتصف القرن العاشر الهجري حين احتلال الدولة الكثيرية لها وقد كانت سوقا للمهرة في الجاهليه وفي الإسلام عاصمة لأبي ثور المهري إلى القرن الرابع الهجري ثم دخلها أبو ثور المهري وكانت عاصمة لأبي دجانة المهري الذي لقب بالكندي لقبا وليس نسبا وهو كما يقال من ذرية  مرضاوي او زهير المهري ثم كانت لأبن شماسة الثعيني المهري ولا تزال يد مهرة مرتبطة بتاريخ الشحر منذ الجاهلية إلى اليوم وليس الشحر المدينة فقط بل الإقليم الذي يصل إلى بلاد الواحدي والذي يرجع كذلك نسبه للواحد ابن الدين المهري فياحضرموت وياكتاب حضرموت الافاضل " شب عمرو عن الطوق " فلا تتلاعبوا بتاريخنا وكفى .

هذه ملاحظات يسيرة ارجوا ان يتسع لها الصدر والسلام .

 

 

 

تابعت مشكورا تعقيباتكم ولكم التحية والاحترام