بقلم الدكتور جاسم المطوع
تعرفت على رجل يبلغ من العمر 60 عاما يقيم في إحدى الولايات الأميركية وهو كاتب وناقد صحافي وتميز في مجال التعليم والتدريس، وبعدما كبر في السن وتقاعد عرض سيرته الذاتية على المواقع بالإنترنت وجاءه عرض عمل في احدى مدارس الكويت منذ 3 سنوات ومازال حتى الآن يعمل مديرا عاما لإحدى المدارس الخاصة. جلست مع «جريك» وهذا هو اسمه وتعرفت عليه وكان يحدثني عن سبب دخوله في الإسلام منذ 6 أشهر وقد أثر فيه الجانب الاجتماعي في الخليج وقوة التواصل العائلي والتكافل الاجتماعي فلفت نظره تقبيل أحد الأبناء لرأس والده واستغرب من انتشار مفهوم بر الوالدين عندنا وتعجب من طريقة معاملة الناس لبعضهم بعضا خاصة بين الجيران فهذا الذي دفعه لدراسة الإسلام والدخول فيه.
سألته عن حياته الاجتماعية وعن زواجه فاستغربت من تجربته عندما قال لي: انه كان متزوجا من 3 زوجات: الأولى يهودية ثم طلقها، والثانية نصرانية ثم طلقها، ولديه أبناء من الزوجتين الماضيتين، أما الآن فهو متزوج من باكستانية مسلمة تعرف عليها في المدرسة التي يعمل بها.
فبادرته بالسؤال عن تجربته الفريدة هذه، وما الذي لاحظه من زوجاته مع اختلاف الديانة بينهن، وهل فعلا هناك فرق بينهن أم ان المرأة هي المرأة؟ فأجانبي إجابة أدهشتني وقال: اني وجدت السعادة في الزوجة المسلمة أكثر، فقلت له: وما السبب في ذلك؟ فقال: لأني وجدت فرقا جوهريا في كيفية حل المشاكل وإدارة الخلاف بل وحتى في الحوار مع الزوجة المسلمة خاصة، ولم أجد هذه الميزة مع النصرانية واليهودية. فازداد استغرابي من جوابه وقلت: وما الذي تميزت به المرأة المسلمة عن غيرها؟ قال: مع الزوجة المسلمة إذا حصل خلاف بيننا أو سوء فهم فإننا نسأل: ماذا قال القرآن في هذه المسألة؟ وماذا تقول السنة النبوية في حل هذا الخلاف؟ وسرعان ما ينقضي الخلاف بيننا ونرضى بالحكم الإلهي لأن القرآن والسنة وسيرة الصحابة فيها كل أمور وشؤون الحياة، وقد أعطانا ربنا منهجا ومرجعا لكل الخلافات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهذا ما لفت نظري بالإسلام أكثر، أما علاقتي السابقة بالمطلقتين فلم نكن نعرف الى من نرجع عندما نختلف، بل كان كل واحد منا يعتد برأيه ويرى نفسه هو الصواب المطلق ولا يقبل أي رأي آخر ولا يوجد مرجع متفق عليه بين الطرفين. قلت له: هذا جميل ولفتة طيبة وزاوية جديدة ربما كثير من الناس لا يدرك أهميتها وانت كونك قد مررت بتجربة زواج متعدد ومن 3 ديانات فقد لاحظت الفرق في التفكير والمرجعية، ثم سألته: وماذا لاحظت كذلك من فروقات أخرى خاصة ان تجربتك فريدة فلنستفد منها؟ قال: الأمر الذي أدهشني ايضا ان الزواج من مسلمة حوّل علاقتنا الزوجية الى علاقة روحية إيمانية، وهذا ما كنت أفتقده مع الزوجة اليهودية أو المسيحية، فقلت له: كلامك جميل وأريد منك توضيحا أكثر فماذا تقصد بالعلاقة الروحية؟ قال: أقصد ان العلاقة بيننا كزوجين مالية وعائلية وكذلك إيمانية فنحن نتعاون مع بعضنا على العبادات كالصلاة والصيام وقراءة القرآن، وهذا ما قصدته بالعلاقة الروحية وهو ما كنت أفتقده في زواجي السابق، ثم الشعور بأننا موعدنا الجنة، وهذا شعور جميل ويعطي طابعا جميلا للعلاقة الزوجية. قلت له: نظراتك جميلة خاصة انك تنظر من زاوية مختلفة فنحن المسلمين نعيش بهذه النعم ولكن ربما بعضنا لم يلتفت اليها وأنت كونك دخلت في الإسلام قريبا ولديك تجارب كثيرة تدرك جمال الدين والإسلام في الجانب الاجتماعي، فهل لديك أمر آخر تحب أن تضيفه؟ قال: الأمر الأخير ان الحقوق والواجبات واضحة في العلاقة الزوجية بين المسلمين وهو ما يشعرني بالأمن والراحة وهو ليس كذلك في تجربتي الماضية مع اليهودية والمسيحية. قلت: إن تجربتك فعلا فريدة وما ذكرته يجب ان يسمعه كل شخص حتى يعرف قيمة النظام الاجتماعي الإسلامي وكما قيل «ان الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى» ويبدو اننا نحن المسلمين ننعم بنعم اجتماعية كثيرة ولكن أمثالكم يلفتون نظرنا الى أمور خفيت علينا، فضحك وكان صاحب دعابة ونكتة، وانتهى اللقاء وكذلك انتهى المقال.