الختان للوقاية من مرض فقدان المناعة ثبُت يقيناً صدق التشريع النبوي الكريم عندما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالختان، وكلما تقدم العلم كشف فوائد طبية جديدة للختان، لنقرأ........
قبل مئة سنة نظر الملحدون إلى التعاليم الإسلامية على أنها تعاليم قديمة تدل على التخلف وأنه لا فائدة منها، ولذلك رفضوا الإسلام وتفاخروا بما لديهم من العلم، ولكن كالعادة، بعدما يجربون ويعانون من النتائج السلبية لمعتقداتهم، يعودون لمبادئ الإسلام، ولكنهم لا يعترفون بالإسلام كدين، بل دينهم هو "المصلحة" فكل شيء فيه مصلحة لهم يؤمنون به.
ومن الأشياء التي أنكرها الملحدون السنة النبوية في الختان، فقد أخبر النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، أن الختان من الفطرة السليمة التي فطر اللهُ الناسَ عليها، وها هو علم الطب يكشف حقائق جديدة عن فوائد الختان، وقد لاحظوا هذه الفوائد تبرز مع المرض القاتل، أو ما يسمى الإيدز.
الدراسة الجديدة وتقول الدراسة الجديدة أن ختان الرجال يقلّل من فرص الإصابة بمرض فقدان المناعة (الإيدز) وتؤيد الأمم المتحدة الآن ذلك بشكل رسمي بحيث ترى أنه يجب تسهيل ختان الرجال في البلدان الإفريقية. فقد صرحت منظمة الصحة العالمية ومنظمة UNAIDS
للأمم المتحدة أن ختان الرجال خطوة مهمة إلى الأمام لمحاربة الإيدز. يوافق هذا الرأي أيضا يوب لانغ، خبير في الإيدز من المركز الصحي في أمستردام.
يقول لانغ: "هناك نقص في الوقاية من الإيدز. هناك سنوياً 4 مليون إصابة جديدة. ونحن نعرف أن للكوندوم (الواقي المطاطي) فعالية، لكن غالبا ما لا يستعمل أو غير متوفر. ويجب العمل على تطبيق كل التقنيات التي بإمكانها التقليل من إصابات الإيدز. وختان الرجال يخفف من خطر انتقال الإصابة من المرأة إلى الرجل بنسبة 50 إلى 60 في المائة، وهذه نسبة عالية.
يعيش 25 مليون شخص مصاب بالإيدز في إفريقيا من بين 40 مليون شخص مصاب بالمرض في العالم. وتنتشر عدوى المرض في تلك القارة عن طريق الاتصال الجنسي بين المرأة والرجل وتتوقع منظمة الصحة وUNAIDS أن ختان الرجال الأفارقة سيحدّ من الإصابات بمرض الإيدز في العشرين سنة القادمة بنسبة 6 ملايين إصابة. يقول لانغ: "الختان يجنب انتقال الإصابة إلى الغلفة التي تصيبها الجروح بسرعة، وهذا له علاقة بعدم تراكم القذارة في الجلدة التي ستسبب المرض.
لا يوجد هناك دليل على أن النساء لديهن حظ أقل للتعرض للإصابة في حالة ممارستهن للجنس مع رجل مختون، لكن الدراسات لا تزال مستمرة حول ذلك. وهناك دراسة موجزة تبين أن نسبة انتقال الإيدز من الرجال إلى النساء ستكون أقل أيضاً، لكن تأثير ذلك سيكون محدوداً قياساً باحتمالات انتقال الإصابة إلى الرجال. إننا بحاجة ماسة إلى التقنيات التي يمكن للنساء استعمالها والتي يجهلها الرجال.
هناك خطر من استغلال الرجال للختان كذريعة لعدم استعمال الكوندوم. خصوصاً في البلدان الإفريقية حيث يكثر الاغتصاب. التوعية مهمة جدا. إذا لم يستعمل الكوندوم من قبل الرجال المختونين، فستكون النتيجة معاكسة، لأن الختان لا يوفر وقاية كاملة. وإذا تعامل الرجال بشكل غير سليم فتزداد خطر الإصابات بالإيدز. ومن الأهمية بمكان ربط العلاقة بين الختان وعملية التوعية بشكل جيد حول استعمال الكوندوم. وتؤكد الأمم المتحدة أيضا على الربط بين نجاح الختان ونشر الثقافة الجنسية بشكل عام لمحاربة الايدز.
يشكل الرجال المختونون حالياً حوالي 30 % من الرجال في العالم. ويحدث هذا بالدرجة الأولى لأسباب دينية بالنسبة لليهود والمسلمين ولأسباب وقائية في بعض الحالات الأخرى. وحسب الأمم المتحدة فيجب على الدول بنفسها أن تحسم كيفية تسهيل عملية الختان. وقد تصل تكاليف العملية بين 50 و 100 دولار للشخص الواحد. وتقترح الأمم المتحدة أن تكون العملية مجاناً.
ختان الرجال مفيد للنساء أيضاً! أكدت ثلاث دراسات جديدة أدلة سابقة على أن الختان يمكن أن يحمي الرجال من فيروس الايدز القاتل ويحمي في الوقت نفسه النساء من فيروس ينتقل بالمعاشرة الجنسية يسبب سرطان الرحم. ومن المرجح أن تزيد النتائج التي نشرت في دورية الأمراض المعدية Journal of Infectious Diseases بتاريخ في 16/12/2008 من النقاش الدائر حول ضرورة ختان الرجال والذكور حديثي الولادة لحماية صحتهم وصحة زوجاتهم في المستقبل. وفحص الدكتور برتران أوفير من جامعة فرساي بفرنسا وزملاؤه في جنوب أفريقيا أكثر من 1200 رجل يترددون على عيادة في جنوب أفريقيا. ووجد الباحثون أن أقل من 15 بالمئة من الرجال الذين خضعوا للختان و22 بالمئة من الرجال الذين لم يخضعوا للعملية أصيبوا بفيروس ورم حليمي أو فيروس (اتش.بي.في) وهو المسبب الرئيسي للإصابة بسرطان عنق الرحم وأمراض الأعضاء التناسلية. وكتب الباحثون في تقريرهم "تفسر هذه النتائج لماذا تقل مخاطر إصابة النساء اللاتي يعاشرن رجالاً أجريت لهم عمليات ختان بسرطان عنق الرحم مقارنة بأخريات.
وجاءت نتائج بحث آخر على رجال أمريكيين أقل وضوحاً، لكن كاري نيلسون من جامعة أوريغون للصحة والعلوم وزملاؤه قالوا إنهم وجدوا بعض المؤشرات على أن الختان قد يحمي الرجال. وكان الرجال الذين أجريت لهم عمليات ختان أقل عرضة للإصابة بفيروس "اتش.بي.في" بمقدار النصف تقريباً مقارنة بالذين لم يخضعوا لهذه العملية. وفي الدراسة الثالثة فحص لي وارنر من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وزملاؤه أمريكيين من أصل أفريقي في بلتيمور ووجدوا أن 10 بالمئة فقط من الرجال الذين خضعوا لعمليات ختان تزيد لديهم مخاطر الإصابة بعدوى هذا الفيروس مقارنة بنسبة 22 بالمئة من الذين لم تجر لهم عمليات ختان. وتقول الإحصائيات أن هناك 33 مليون شخص في العالم مصابون بفيروس الإيدز وهو مرض لا علاج له. وهناك 20 مليون أمريكي مصابون بفيروس (اتش.بي.في) وهو أكثر الفيروسات التي تنتقل عبر المعاشرة الجنسية ويسبب سرطان عنق الرحم الذي يودي بحياة 300000 امرأة في العالم كل عام.
منحني بياني يوضح عدد الإصابات بالإيدز كل عام على مستوى العالم (من 1995 ولغاية 2005)، واللون الأصفر يمثل عدد الإصابات في أفريقيا، وتجدر الإشارة إلى أن أقل نسبة للختان هي في أفريقيا، ولذلك نرى عدد الإصابات فيها يمثل نصف الإصابات في العالم!! ففي العام 2005 بلغ عدد المصابين بفيروس الإيدز 40 مليون، نصفهم في أفريقيا!
رسم يمثل عدد الإصابات بالإيدز عام 1999 حسب إحصائيات الأمم المتحدة، وقد بلغ عدد المصابين 34.4 مليون، والغريب أننا لو قسّمنا أفريقيا لقسمين: شمال الصحراء الكبرى وجنوبها، نجد أن عدد الإصابات في شمال أفريقيا (حيث غالبية السكان من المسلمين) بلغ 220 ألف وهذا العدد يشمل الشرق الأوسط أيضاً، وجنوب الصحراء الكبرى (حيث يغلب عليها غير المسلمين) بلغ 24.5 مليون، فانظروا إلى الفارق الكبير!!! ويعود السبب إلى التعاليم الإسلامية الصارمة التي تحرم الفاحشة بشدة، والتي تأمر الناس بالختان وغير ذلك من الأوامر الإسلامية التي ساهمت في تخفيض الإصابة بالإيدز. ولكن نود أن نحذر أن الإصابات في الدول الإسلامية بدأت بالتزايد بسبب بعد المسلمين عن تعاليم دينهم، فمتى سيعود المسلمون لدينهم الحنيف؟
ما هو الإعجاز التشريعي؟ عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كانت أساليب عديدة تنتشر في الجزيرة العربية، وكان الناس منقسمون في عقائدهم بين مشرك لا يؤمن بالخالق عز وجل، وبين يهودي أو نصراني أو مجوسي وغير ذلك، ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم يريد الشهرة والمال، لترك هذه المسألة كل يفعل ما يراه مناسباً، وسوف يكسب جميع الأطراف، ولكنه اختار الفطرة السليمة فأمر الناس بالختان، كما أمرهم باجتناب الزنا والخمر والفواحش... وهذا دليل مادي ملموس على أنه رسول من عند الله تعالى.
إن ما أمرنا به النبي قبل أربعة عشر قرناً تطالب به الأمم المتحدة اليوم!! بل وتطالب أن تتم عملية الختان مجاناً، لأنها أوفر بكثير من الإصابة بالإيدز، وبخاصة أن هناك دراسات سابقة تؤكد أن الختان يحدّ من انتقال الأمراض الجنسية المعدية والخطيرة، ويقي من السرطان!! وإن أي إنسان منصف لابد وهو يرى هذه الحقائق أن يشهد بصدق رسالة الإسلام، وعظمة هذا النبي الأمي عليه الصلاة والسلام.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (خمس من الفطرة... وذكر الختان)، لقد جاء هذا التشريع النبوي في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عن فوائد الختان الطبية، وهذه القاعدة تنطبق على كل ما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فكل ما أمرنا به لابد أن يكون فيه الخير، وكل ما نهانا عنه لابد أن يكون فيه الضرر، فالله تعالى يقول: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7]. ويقول أيضاً: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 26-28].
من السنة النبوية أن يتم الختان خلال أيام الولادة الأولى (سبعة أيام أو مضاعفات الرقم سبعة مثل 14 يوماً أو 21 يوماً أو 28 يوماً وليس أكثر، وهذه وجهة نظر)، ونلاحظ أن العلماء اليوم يؤكدون على ضرورة إجراء الختان منذ أيام الولادة الأولى، بما يتفق مع الهدي النبوي الشريف!
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل