لورنس العرب الثاني أرسل تقريره حول مركز العالم
أولاً ابدأ بالتحية لجلالة الملكة واعوانها وكل اساطيلها في البحار والمحيطات، احذركم يا جلالة الملكة، وثانيا، احذركم، ففي هذه البقعة من الارض، كشفوا كل مخططاتنا، وكل مؤتمراتنا، ومؤامراتنا، ويعرفون حتى خططنا المستقبلية، لا تسألوني كيف، فهنا يعرفون كل شيء، ومدركون تماما ان كل مؤتمرات ولقاءات العالم تدور حول شيء واحد، وهو العالم العربي.
يتصورون بأنهم قلب العالم ومركزها، وان أي قرار يصدر من مجلس الامن هدفه النيل من الامة العربية، بل مجلس الامن والامم المتحدة بكل ما فيه، الهدف من انشائه القضاء على هذه الامة.
قبل أسبوع كنت في ضيافة صديق يدرس في الجامعة، في أم الجماجم وهي قرية في وسط الصحراء في جزيرة العرب، قال لي الدكتور الذي يسبق اسمه سبعة عشر لقبا، انه في سنة 1907 جلس الغرب في مؤتمر، وقال لهم رئيس الوزراء البريطاني وقتها، انتبهوا على العرب، فإنهم سيكونون سبب شقائنا، وعلينا من الآن ان نمزقهم ونزرع فيهم جسدا غريبا... قالها لي بكل ثقة، الناس هنا تصدق، هنا لا أحد يسأل كيف ومتى، ليس مهما، هنا العقول مبرمجة على نظرية المؤامرة عليهم، لانهم يرون ان سبب شقائهم وتخلفهم هم الغرب الذي يخاف منهم.
حقيقة بعد كلامه، التفت حولي يمنة ويسرة ولم أجد فيهم ما يخيف، ولا يملكون ما يخيف، ولا ما يستحق الاستهداف، ولا أقصد أسلحتهم يا سيدتي، فهذه البلاد لا تنتج، ولا تفكر بالانتاج، فلا مصانعها تنتج ما نلبس، ولا جامعاتها قادرة على انتاج ما ينمي البشرية، ولكنهم مقتنعون بما يؤمنون، وهم معذورون، فمن يخرج من بيته ويشاهد أمامه الاهرامات شامخة، منذ سبعة آلاف سنة، ومنزله الذي بني قبل سنتين آيلاً للسقوط، لا شك سيؤمن بأن هناك قوى خارقة تستهدف.
وجلست مع إعلامي في دمشق، فحدثني عن مؤتمر سايس بيكو، وسان ريميوا، ومؤتمر يالطا وطهران، وسرد لي عشرين مؤتمرا، كلها تهدف الى القضاء وتمزيق العرب، بصراحة يومها جلست حتى الصباح أبحث في الانترنت عن هذه المؤتمرات والمؤامرات، حتى أعلن غوغل استسلامه لي، وقلت لعلهم يعرفون عنا اكثر مما نعرفه عن انفسنا.
«نحن مستهدفون» هي العبارة الأكثر استخداما هنا، فالمصري مستهدف، والعراقي مستهدف، واليمني مستهدف، والموريتاني مستهدف... وكل مؤتمر وتصريح وقانون واختراع وانتاج واكتشاف هدفه هو استهداف العرب، وتدمير العرب، انهم مازالوا يظنون بأنهم محور العالم ومركزها، وقطبها الاوحد، وان جميع الأمم شرقا وغربا تفكر فقط في القضاء عليها، وان الغرب لا عمل له إلا ماذا سنفعل اليوم بالعرب، انهم يتصورون ان جلالة الملكة كل صباح تتصل على «كاميرون» وتسأله «ها، شنو أخبار العرب؟ وما هي وآخر مؤامراتنا ضد راس الخمية» أو أوباما يتصل على بوتين كل اسبوع ليقول له «بارك لي، لقد اكتشفت خطة جديدة لتدمير اليمن»...!
لا أعرف لماذا أرسلت الى هذه البقعة، ولا فائدتها، ولا فائدتهم، فهي تدمر نفسها بنفسها، ولكني مستمر لخدمة الملكة، مع تحياتي... لورنس العرب.
المصدر:جريدة الراي الكويت عدد 14/8/2012م بقلم الكاتب /جعفر رجب
****
وقد نقلته اليكم للاطلاع ... وشكرا للجميع .