لم يتبقى سوى القليل على إنطلاق بطولة كأس أمم أوروبا (2012) في بولندا و أوكرانيا، و يبدو أن المنافسة ستكون على أشدها، لا سيما و أن البطولة الأوروبية شهدت العديد من المفاجآت، كفوز الدنمارك بلقب (1992) و اليونان بلقب (2004) على سبيل الذكر...
وشهدت المنافسة على اللقب الأوروبي طوال السنوات الماضية ولادة أساطير و نجوم لامعين في تاريخ كرة القدم العالمية، و كان معظمهم هم من منحوا الفرصة لمنتخباتهم الوطنية لحمل كأس أمم أوروبا و شرف التتويج بها.
وسنقوم في هذا الموضوع، بإستعراض أسماء عشرة أساطير في تاريخ كرة القدم، سبق لهم أن شاركوا في بطولة كأس أمم أوروبا، و تألقوا خلالها بقيادة منتخباتهم الوطنية نحو اللقب الغالي.
مفاتي ال
تشافي هرنانديز - إسبانيا
لعب نجم برشلونة دوراً حاسماً في تشكيلة منتخب إسبانيا التي فازت ببطولة كأس أمم أوروبا الماضية و التي أقيمت في النمسا في صيف (2008)، ثم قاده بعدها بعامين، للتتويج لأول مرة كأبطال للعالم في مونديال جنوب أفريقيا (2010).
ويمتاز تشافي هيرنانديز بقدرته العالية على التحكم في إيقاع المباراة، و الإستحواذ على الكرة، و بناء الهجمات من خط الوسط، بالإضافة إلى التمرير الدقيق و المساهمة في تسجيل أهداف حاسمة.. و من أهم الأهداف التي سجلها في اليورو الماضي، هدفه الأول في مرمى منتخب روسيا في نصف النهائي.
وللإشارة، فإن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قام بإختيار لاعب وسط منتخب إسبانيا تشافي هيرنانديز كأفضل لاعب خلال البطولة الماضية.
راي هويتون - آيرلندا
شارك منتخب إيرلندا لأول مرة في بطولة كبيرة من حجم كأس أمم أوروبا في عام (1988)، حيث سقط في دور المجموعات مع منتخبات كبيرة و هي: الاتحاد السوفياتي، هولندا و إنجلترا.
لم يكن أحد يتوقع أن يتغلب منتخب إيرلندا على منتخب إنجلترا آنذاك، لكن هذا ما حدث بالفعل، و يعود الفضل في ذلك إلى النجم السابق لليفربول راي هويتون الذي سجل هدف الإنتصار في الدقيقة السادسة من عمر المباراة، بعد أن ختم هجمة منظمة بتوقيع هدف في مرمى الإنجليز.
تلك كانت المباراة الأولى لمنتخب إيرلندا في نهائيات كأس أمم أوروبا، التي سيشارك فيها للمرة الثانية في تاريخه هذا العام، لكن مشواره في بطولة عام (1988) توقف عند الدور الأول، على الرغم من فوزه في اللقاء الأول على منتخب إنجلترا (1-0)، بحكم خسارته في اللقاء الثاني أمام منتخب هولندا (1-0) و تعادله أمام الاتحاد السوفياتي (1-1).
أنجيلوس كاريستياس - اليونان
فجّر منتخب اليونان أكبر مفاجآة في تاريخ كأس أمم أوروبا بفوزه ببطولة عام (2004)، عندما كذّب جميع التوقعات و تغلب على البلد المستضيف منتخب البرتغال في المباراة النهائية من البطولة بهدف تاريخي، جاء من توقيع المهاجم أنجيلوس كاريستياس.
وقدّم منتخب اليونان أداءً مقبولاً في النهائيات، قاده نحو تخطي منتخب إسبانيا في دور المجموعات، ثم تخطي أبطال أوروبا في النسخة السابقة منتخب فرنسا في دور الثمانية، ثم هزم منتخب التشيك في نصف نهائي، قبل الفوز في النهائي التاريخي أمام منتخب البرتغال، الذي كان يحظى بترشيحات الكل لنيل اللقب بحكم إستضافته للبطولة.
وسجل أنجيلوس كاريستياس أهداف حاسمة طوال البطولة، و منها هدفه التاريخي في مرمى منتخب البرتغال، من رأسية محكمة في الدقيقة السابعة و الخمسين من النهائي، كما كان لهدفه في شباك منتخب إسبانيا (1-1) في اللقاء الثالث من دور المجموعات و الذي منح اليونان نقطة ثمينة، هاماً جداً في مشوار بلد الإغريق في البطولة، بتأهله بصعوبة إلى دور الثمانية.
دراجان دزاجيتش - صربيا (يوغوسلافيا)
عاش النجم اليوغوسلافي دراجان دزاجيتش قصة مشابهة لقصة دييجو أرماندو مارادونا مع منتخب الأرجنتين، عندما كان الكل في الكل في منتخب بلاده الذي وصل إلى المباراة النهائية، من بطولة كأس أمم أوروبا (1968)، قبل الخسارة أمام منتخب إيطاليا في النهائي المُعاد بثنائية نظيفة، إذ إنتهى اللقاء الأول بالتعادل الإيجابي بينهما بهدف لمثله.
ففي النهائي الأول، كان دراجان دزاجيتش قريباً جداً من قيادة منتخب يوغوسلافيا نحو تحقيق اللقب الغالي، بعد أن سجّل هدف التّقدم في الدقيقة التاسعة و الثلاثين، و تستمر النتيجة و التوقعات بفوز يوغوسلافيا بالبطولة حتى الدقيقة الثمانين عندما سجل أنجيلو دومينجيني هدفاً مفاجئاً لتعديل النتيجة لصالح الطليان، لينتهي اللقاء بهدف لمثله في مرمى الفريقين.. ويتجها نحو إعادة المباراة التي أقيمت بعدها بيومين فقط و إنتهت بفوز البلد المستضيف منتخب إيطاليا بهدفين للا شيء.
و كان دراجان دزاجيتش هو من قاد منتخب يوغوسلافيا للوصول إلى المباراة النهائية، بعد أن سجل هدف الفوز على منتخب إنجلترا في نصف النهائي قبل نهاية اللقاء بست دقائق، و قد تم وصفه منذ ذلك الحين بـ"الساحر دراجان".
ماتياس سامر - ألمانيا
لعب ماتياس سامر دوراً هاماً في تشكيلة منتخب ألمانيا التي فازت ببطولة كأس أمم أوروبا عام (1996) في إنجلترا، حيث أنسى الجميع حجم غياب الأسطورة فرانز بيكنباور عن المانشافت، ليقود دفاع منتخب بلاده في البطولة الأوروبية.
وعلى الرغم من لعبه في قلب الدفاع و إلتزامه الكبير بتعليمات المدرب، إلا أن ماتياس سامر لم يغب عن قائمة الهدّافين أثناء البطولة، بتسجيله هدفين حاسمين لمنتخب ألمانيا، حيث جاء هدفه الأول في مرمى منتخب روسيا في دور المجموعات، و هدفه الثاني في شباك منتخب كرواتيا في مباراة دور الثمانية.
وللإشارة، فإن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قام بإختيار مدافع منتخب ألمانيا ماتياس سامر كأفضل لاعب في بطولة كأس أمم أوروبا (1996) في إنجلترا.
ليف ياشين - الاتحاد السوفييتي
احتضنت العاصمة الفرنسية باريس أول نسخة من بطولة كأس أمم أوروبا عام (1960)، و هي البطولة التي ضمت أربع منتخبات فقط، و أقيمت من أربع مباريات، و هي مبارتي نصف النهائي و مباراة الترتيب، بالإضافة إلى المباراة النهائية التي شهدت تتويج السوفيات بالبطولة الأولى.
ولم يمتنع الاتحاد السوفياتي من المشاركة في البطولة على الرغم من غياب المنتخبات الكبيرة، و هي منتخبات إنجلترا، إيطاليا و ألمانيا الغربية، و قد شهدت الدورة تألقاً ملفتاً للأنظار من جانب حارس مرمى المنتخب السوفياتي ليف ياشين، الذي مازال يعتبر واحداً من أفضل حراس المرمى في تاريخ كرة القدم.
و كان ليف ياشين قد أنقذ مرماه من العديد من الأهداف المحققة في مباراة نصف النهائي أمام منتخب فرنسا، و الذي آل في النهاية للمنتخب السوفياتي بخمسة أهداف لأربعة، قبل أن يتقمّص دور البطولة في المباراة النهائية أمام منتخب يوغوسلافيا عندما تصدى لكرة هدف الإنتصار للفريق الخصم في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء، الذي كان يسير نحو الإنتهاء في وقته الأصلي بنتيجة التعادل الإيجابي (1-1)، قبل أن يحسم المنتخب السوفياتي اللقب لصالحه في الوقت الإضافي بفضل هدف بونيديلنيك.
بيتر شمايكل - الدنمارك
لم يكن الحارس السابق لمانشستر يونايتد الوحيد الذي قاد منتخب الدنمارك في بطولة كأس أمم أوروبا (1992) التي شارك فيها بدعوة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لتعويض منتخب يوغوسلافيا الذي تم منعه من المشاركة بسبب تدهور أوضاعه السياسية.
لقد كان هناك لاعبون آخرون دافعوا عن قميص منتخب الدنمارك، و قادوه نحو التتويج لأول مرة في تاريخه ببطولة كأس أمم أوروبا، لكن يبقى الحارس السابق لمانشستر يونايتد بيتر شمايكل أبرزهم على الإطلاق، بتألقه الملفت للأنظار طوال البطولة، و ظهوره الشجاع في المباراة النهائية أمام منتخب ألمانيا، حيث كان السّر وراء إنتصار الدنمارك، بتصديه للعديد من الأهداف المحقّقة، مقابل إستغلال زملائه للهجمات المرتدة السريعة لتسجيل هدفين قاتلين.
زين الدين زيدان - فرنسا
منذ مباراته الأولى أمام الدنمارك حتى مجد النهائي أمام إيطاليا، كان هناك رجلاً واحداً سيطر على البطولة لصالح الفرنسيين .. زين الدين زيدان.
ركلته الحرة المباشرة الرائعة افتتحت النتيجة لصالح فرنسا أمام الإسبان، وفي قبل النهائي أمام البرتغال كان زيدان كالمايسترو في خط الوسط يشن الهجمات الواحدة تلو الأخرى لكن فرنسا لم تنجح في التسجيل سوى في مرة واحدة لتأخذ المباراة للوقت الإضافي.
وقبل ثلاث دقائق من نهاية الوقت الإضافي كان سيلفان ويلتورد يسدد في ذراع أبيل زافيير لتحصل فرنسا على ركلة جزاء أخذتها للنهائي.
ورغم أن البرتغاليين أخروا من لعب الكرة لعدة دقائق بعد اعتراضهم على القرار، ورغم أن كثير من اللاعبين يتأثرون بالضغط المتعاظم في كرات مثل هذه، إلا أن زيزو كان بارداً وأودع الكرة في الشباك.
يورو 2000 شهدت أفضل أداء لزيدان مع بلاده ومنها تحصّل على جائزة أفضل لاعب في البطولة.
ثيودوروس زاكوراكيس - اليونان
في خلال الفوز الصادم والمذهل لليونان بكأس أمم أوروبا 2004 كان "ثيو" زاكوراكيس القلب النابض الذي قاد هذا الفريق للنصر.
زاكوراكيس كان مفتاح وعقل خطة أوتو ريهاجيل في خط الوسط المكون من ثلاثة أفراد وهو الوسط الذي تمتع بانضباط لا حدولد له جعل اليونانيون فريقاً عصياً على الخصوم.
لم يتوقف محرك زاكوراكيس أبداً فقد كان يتصدى للمنافسين ويقود الهجمات المرتدة بنفسه، كما تمتع بالقوة والمثابرة التي قادت اليونانيون لتخطي فرق كإسبانيا والبرتغال والفوز بكأس البطولة والعودة بها لبلاد الإغريق.
ميشيل بلاتيني - فرنسا
على أرض بلاده في 1984، نجح ميشيل بلاتيني في أن يقدم لنا واحدة من أفضل المستويات في بطولة كبيرة في التاريخ.
فبعد إصابة محبطة أبعدته عن كأس العالم قبل عامين، كان بلاتيني في قمة مستوياته ليسجل 9 أهداف في خمس مباريات تضمنها اثنين هاتريك في لقاءين متتاليين أمام بلجيكا ويوغوسلافيا.
بلاتيني سجل في كل مباريات البطولة، ولم يستطع أي فريق أن يوقفه ويمنعه من التسجيل، ولا يبدو وأن هناك من تقديم ما قدمه بلاتيني في بطولة كما قدم بلاتيني في 84، لكن مع حلول الأول من يوليو ربما نجد بطلاً جديداً يدخل في مخيلة الجميع.