المهرة بين الإقصاء والانتماء للوطن
بقلم/ عبدالله صالح سرور
جريدة النور
المهرة التي أعني
هي جزء من الوطن الكبير الذي كنا قد افتقدناه زمناً طويلاً في عهد
الاقطاعيات واستحواذ الفساد ... المهرة تلك المحافظة التي تعزف كل الألحان
الوطنية أو ما نسميها نحن ( الكويت الصغرى ) تلك البوابة الشرقية التي جسدت
نبل المعاني الوطنية في احتضان الجميع في حين لم يحتضنها هذا الجميع ففي
العهد الشمولي الماضي كانت المهرة تعاني كل أشكال العزلة المادية والمعنوية
فلا تسأل عن الخدمات ( لاكهرباء ولا ماء ولا طرق ولا صحة ولا تعليم ولا
اتصالات .. ألخ ) وفوق هذا وذاك زج بها في الصراعات الحدودية (التحررية كما
يزعمون ) الآثمة لا ناقة لهم ولا جمل غير أن الرفاق تحتم عليهم العقيدة
المستوردة من موسكو الحرب لنشر المبادئ ( الاشتراكية العلمية ) .
ثم جاء عهد الوحدة
التي كانوا يعتقدون أنها مباركة وما أن تحققت حتى ذهبت تلك البركات (
لصانعي الوحدة ) بين طرفي أصحاب النفوذ المناطقي في الشطرين فكل الامتيازات
ذهبت ( لمثلث برمودا ) لحج ـ الضالع ـ حضرموت ، وفي الطرف الثاني (الإعصار
المدمر ) سنحان ـ وزمرة علي ناصر ، وعادت المهرة من مولد الفتوات السياسية
بلا حمص وتواصلت مسيرة الاقصاء المستمر للتهميش الممنهج إلى أن انطلقت
الثورة الشعبية السلمية وخرجت المهرة من كل سهولها ووديانها الى ساحات
الحرية يطالبون باسقا ط النظام فسقطت أجزاء من هذا النظام ولم يسقط التجاهل
لهذه المحافظة ربما يقول قائل : أن الثورة لم تتمكن بعد من تحقيق كامل
أهدافها .. صحيح ، ولكننا نتوجس ريبة أن يفوت على أحرار هذه المحافظة
الفرصة التاريخية لكي يشعروا ولو لمرة واحدة بأن هناك وطن يحبهم كما يحبونه
وينتمي إليهم كما ينتمون إليه .
لكن ماذا يريد
أبناء المهرة ؟ سؤال وجيه .. لايريدون رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الوزراء
ولا رئاسة البرلمان ولا حتى وزير أو سفير رغم أن هذا حق من حقوقهم كسائر
اليمنيين حرموا منه على مدار التاريخ اليمني ، لا يريدون سوى تنمية شاملة
ووظائف لكل أبنائهم وجامعة يشد إليها الرحال ، ومستشفى يعالج مرضاهم بدل
الذهاب إلى عمان ، واستاذ دولي يلعب فيه أبنائهم كرة القدم ، ومطار فيه
رحلات طيران بسعر اليمن لا بسعر دولة أجنبية ، ولا يريدون سوى أن تكفوا سفن
كبار القوم من جرف ثرواتهم البحريه وتهديد مصدر رزقهم ومستقبل أبناؤهم ،
لا يريدون منكم إلا نسبة من إيرادات محافظتهم ( جمارك ـ ضرائب ـ ثروات ..
ألخ ) يريدون منكم أن تفهموهم قبل أن يفهمهم الآخرون وحينها لن ينفع الندم (
ولات حين مندم ) .
حتى المساحات
الصحفية والإعلامية تنكرت للمهرة ، فلا صحيفة سلطت الأضواء على معاناتهم
ولا على لغتهم ولا على تراثهم ولا على تاريخهم ... فها من رد اعتبار ولو
حتى من باب ذر الرماد على العيون أو حتى رفع العتب التاريخي ( فليكن موقعكم
بوابة لنسيان حرمان الماضي ) .
لقد عانينا من
الشذوذ السياسي في الماضي وتم استيراد لنا عساكر ومعلمين من المحافظات
الجنوبية ، ثم قتلتنا مراهقة على صالح بمدراء عموم من المحافظات الشمالية
وكأن هذا قدر محتوم أن تأتي هذه المخلوقات الفضائية العجيبة تسير لنا شؤون
المحافظة حتى على مستوى حركة المرور في الشارع ، كما قال الاستاذ / محسن
باصرة
ألا أيها التاريخ
سجل كلمات الضيم بصوت مبحوح من مهرة بن حيدان في سطور اليقين لعلها تضئ
للقصر الجمهوري الطريق إلى بلاد اللبان والشروخ والثروات الهائلة ...!!
والسلام والعدالة مطلبنا
منقول