المعلم والمدرس أين وكيف نجد ذلك الشخص الذي يتجاوز وظيفته المهنية البحتة
(مدرس) إلى مسمى (معلم).. والفرق بينهما شتان إذا ما قيست الكلمتان في
ميزان العطاء والإبداع.. طبعاً من وجهة نظر شخصية.
المدرس ليس معلماً ناجحاً في الغالب، أما المعلم فهو «سيد المدرسين»،
الفرق بين الاثنين أن التدريس هو نقل المادة العلمية إلى الطلبة بأي وسيلة
كانت، وهو مهمة محصورة في الدراسة والتحصيل العلمي أكثر من أي جانب آخر، في
حين أن المعلم هو المدرس والمربي والموجه والأب والأخ والصديق، الذي يجده
الطالب إلى جانبه في كافة الظروف وشتى الأحوال.
لابد أن نتخلى في داخلنا عن وصف المدرس، ونرتقي جميعاً إلى مسمى المعلم، ونجسده قولاً وفعلاً، وهو حقاً ما يحتاجه الطلبة.
الناظر إلى حال طلبتها في الميدان التربوي، يجد الكثير الكثير مما يثير
الفضول والانتباه، يجد طلبة مشاغبين، وآخرين خجولين، وثلة ضعفاء مساكين،
ومجموعة من غير المبالين، وغير هذه الأصناف أشكال كثيرة.. كلهم أبناؤنا،
وهم أمانة في أعناقنا، وجدنا من أجلهم، وامتهنا مهنة الرسل لنقف إلى
جانبهم، فلماذا ننأى بأنفسنا عن ما يدور في محيطهم من سلبيات.
المطلوب إذاً، أن يلم المعلم بدوره على النحو الأمثل، وأن يتقرب من
طلبته بما يمكنه من التعمق في خباياهم ومعالجة مشكلاتهم، وتأمين متطلباتهم،
وسد احتياجاتهم النفسية والاجتماعية، ذلك هو عمل المعلم الصرف، إن نظرنا
إلى المسألة بعين الأمانة.
الحال الذي وصل إليه التعليم في عالمنا العربي، لم يكن ليحدث لولا تراخي
جهود القائمين على أمر التعليم كافة، وفي مقدمتهم المعلم الذي أفقد نفسه
كثيراً من مقومات هذا المسمى، ففي السابق كان المعلم كل شي في حياة الطالب،
وقد ظل قدوة أولى، ومحل ثقة لا تضاهى، وموضع احترام وتقدير من الجميع..
هذه الأوصاف صنعها المعلم لنفسه من خلال سلوك انتهجه عن طيب نفس، وبحس
الواجب والأمانة، أما اليوم فترى الأمر مختلفاً، وجميعنا نلقي باللوم على
التطور والتغير في أسلوب الحياة، وفي جيل اليوم.. وهذا صحيح نسبياً.
الأصح من ذلك، أن الإنسان يبقى إنساناً، وأن النفس البشرية هي من ذات
الصنف الذي وجد منذ آدم عليه السلام ولم تتغير، وأن السلوك الإنساني موحد
على مستوى العالم.. فما الحاصل إذاً!
الحاصل أن المعلم هو من نزع أسلحته، وتجرد من أدواته، وتخلى عن هيبته،
ومنح الطالب ثقة الطيش والتهور والوقوع في الخطأ.. مع العلم أن في داخل هذا
الطالب نفساً بشرية تهوى الحب والعطف والقدوة والتوجيه والصداقة والأبوة،
وكل المسميات الأخرى التي أجادها المعلم منذ عهد طويل.. فلماذا لا تعود إلى
موقعك الصواب أيها المعلم!
--------------------
المصدر: البيان الالكترونية
أماني فتحي -معلمة