حملة على "الإيمو" في العراق تنشر الرعب بين الشبابالعراق (صدى عدن) BBC :
أجمعت منظمات حقوقية، ومرجعيات دينية، وشخصيات سياسية في العراق على إدانة موجة من العنف موجهة ضد شبان يوصفون بأتباع ظاهرة "الإيمو".
وجاء
سيل الإدانات بعد أن تداولت وسائل الإعلام هنا -وعلى مدى أسابيع متواصلة-
أنباء عن مقتل عشرات الشبان الذين يطولون شعرهم ويرتدون ملابس ضيقة يغلب
عليها اللون الأسود، وذلك عن طريق سحق رؤوسهم بالحجارة.
وبات
هؤلاء يعرفون بالإيمو، وهو تعبير غربي المنشأ يشير إلى محبّي نوع معين من
موسيقى الروك. لكن اختلاط المفاهيم أدى إلى ربط الإيمو بالمثليين حينا، أو
عبدة الشيطان، ومصاصي الدماء حينا آخر.
واختلفت التقارير حول عدد الضحايا، لكن الأرقام المتداولة تراوحت بين ثمانية شباب وخمسين شابا وأكثر من مئة.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن معظم المعنيين لم يتمكنوا من التأكد إلا من حالة واحدة، وحتى هذه الحالة لا يزال يلفها الغموض.
سيف "شاب لطيف"
الحالة
الوحيدة التي تم ذكرها بالاسم والتفصيل هي حالة سيف البالغ من العمر سبعة
عشر عاما. وأقرت الشرطة "المجتمعية" العراقية بأن سيف، الذي وصفه الناطق
باسمها علاء جاسم بالشاب اللطيف، قد تعرض للقتل.
لكن جاسم أضاف أن سبب القتل لم يكن مظهره، معتبرا أنه قتل لأسباب "عشائرية" متعلقة بمشاكل عائلية.
أما
أحد أصدقاء سيف، فقد قال لبي بي سي إنه قتل بسبب مظهره، وإن قاتليه من
أتباع جماعة متشددة. وأضاف أنه تم العثور على جثة سيف "أواخر الشهر الماضي
أو أوائل هذا الشهر" في الساعة الثانية صباحا بالقرب من منزله شرقي بغداد،
وقد قتل بضربة على الرأس.
حملة تخويف
وحملت
ثلاث منظمات حقوقية -في بيان مشترك- بشدة على الحكومة العراقية لما
اعتبرته تغطية منها على حملة التخويف والتعنيف التي يتعرض لها كل من يعبر
عن نفسه من خلال مظهره.
وقالت
منظمات هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية والمفوضية الدولية لحقوق
المثليين والمثليات، إن على الحكومة العراقية العمل فورا على التحقيق مع
المسؤولين عن حملة الترهيب والعنف التي تطال الشباب الذين يوصفون "بالإيمو"
وجلبهم للعدالة.
كما
اعتبرت هذه المنظمات أن وصف ظاهرة "الإيمو" بالشيطانية كما فعلت وزارة
الداخلية في بيان أصدرته في الثالث عشر من الشهر الماضي أثار الشكوك حول
رغبتها في حماية هؤلاء الشباب.
وقد
ظهرت حملة التخويف التي تحدث عنها البيان للعيان في شكل منشورات علقت في
الشوارع الرئيسية لمدينة الصدر شرقي بغداد، نشرت عليها لائحة من الأسماء
مرفقة بهذا التحذير:
"نحذركم
وبشدة إن لم تنتهوا عن هذا العمل فسيكون مصيركم الموت... وسيكون العقاب
أقسى وأقسى... لا تعملوا عمل قوم لوط، واتعظوا من الذين سبقوكم".
لا
شك في أن مثل هذه المنشورات حققت هدفها وأرعبت ليس الذين وردت أسماؤهم في
اللائحة وحسب، بل كل من يعتقد أنه قد يكون عرضة للقتل بسبب مظهره.
وقد لمست بي بي سي هذا الخوف حين حاولت مرارا وتكرارا إقناع بعض هؤلاء بالتحدث إلينا، فرفض جميعهم ذلك.
وسط هذه الأجواء لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون حالات قتل عديدة قد وقعت دون أن يتجرأ أقرباء الضحايا على الإفصاح عنها.
لكن حتى المنظمات الحقوقية بدت مترددة في تبني الأعداد الكبيرة التي تداولتها وسائل الإعلام.
سألنا
متحدثا باسم يونيسيف -منظمة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأطفال- عما
جمعته المنظمة من معلومات حتى الآن. ومع أن المتحدث جايا مورثي المقيم في
بغداد، طالب الحكومة بالتحرك سريعا لحماية الشباب والأطفال، غير أنه قال إن
يونيسيف لم تتمكن من التأكد حتى من وقوع حالة قتل واحدة.
كما
قال سعيد بومديحة، الناطق باسم منظمة العفو الدولية، إن المنظمة واجهت
صعوبات كبيرة في الحصول على أسماء أو حالات مؤكدة كليا حتى الآن.
وقال إنه رأى صورا نشرت على الانترنت لسيف و"لرجل آخر على الأرجح" قتل بنفس الطريقة.
الرأي والفكر الواحد
وقالت
صفية سهيل عضوة البرلمان العراقي إن هناك أجندة متشددة ونافذة تريد فرض
"الشكل الواحد والفكر الواحد" على المجتمع العراقي، مطالبة الحكومة بعدم
إنكار المشكلة وحماية حرية التعبير لدى الشباب.
لكنها
قالت إن "التهويل" والمبالغة في الأرقام يندرجان أيضا في سياق هذه
الأجندة، واعتبرت أن مضي وسائل الإعلام في الحديث عن تلك الأرقام قد يكون
ساهم في نشر حالة الرعب، ولو عن غير قصد.
وكان
ممثل آية الله السيستاني في بغداد الشيخ عبدالرحيم الركابي قد وصف
الاعتداءات التي تستهدف "الإيمو" بالهجمات الإرهابية. وتلى ذلك عدد كبير من
التصريحات الصادرة عن شيوخ وأئمة مساجد نددت بشدة بأي تعنيف أو قتل،
واعتبرته منافيا للدين.
كما
قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في الثالث عشر من مارس/آذار إن "ظاهرة
اغتيال بعض الشبان الذين يوصفون بـ"الإيمو" من قبل بعض الجماعات بذريعة
إصلاح المجتمع تجذّر ثقافة العنف والإرهاب في المجتمع وتعتبر انتهاكا
للقانون وجريمة."
وقد
أشادت المنظمات الحقوقية بحملة الإدانات هذه، معتبرة أنها تشير إلى تحسن
ملحوظ عن عام 2009، الذي شهد حملة اضطهاد للمثليين لم تثر موجة استنكار
مماثلة.