GMT 8:14:00 2012 الخميس 9 فبراير
الكاتب داود البصري
المتغيرات الكبرى في الشرق
القديم باتت تفرض أجنداتها وتكرس رؤاها في ثنايا ملفات الشرق القديم
العامرة والحافلة بقضايا كبرى تنتظر التنفيذ والإنطلاق، وأزاء الوضع الثوري
الشامل الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط يبدو جليا أن عصرا جديدا قد بانت
إرهاصاته و تأسست قواعده وهو عصر حرية الشعوب والتمرد على أوضاع العبودية
والظلم و الإستئثار والهيمنة الفاشية تحت صهيل الشعارات المخادعة المستهلكة
التي إنتهت صلاحيتها بالكامل، العالم العربي في ثورة تغييرية وحضارية
شاملة قد تبدو من بعيد وكأنها حالة فوضوية للبعض ولكنها في واقع الأمر حالة
تطورية ستنضج مع الأيام وستتبلور خارطة طريقها النهائية مع التطورات
والتحديات المستمرة التي ستساهم في صقل وتركيز عملية التغيير المنشودة،
لاشك إن الصراع ضد الفاشية والأسر الثورية الحاكمة التي حولت العالم العربي
لإقطاعيات ومافيات عائلية تاركة السواد الأعظم من العرب يعيشون تحت خط
الفقر وينتظرون مكرمات وعطايا ( حكومات الحزب والثورة ) التي تلاشت وإنتهت
ريحها وأضحت في ذمة التاريخ، ومع التداعي القريب لنظام الجريمة السوري تكون
الصورة الستراتيجية العامة للأوضاع الإقليمية قد أشرت على نهاية حقيقية
للتسلل الطائفي الصفوي الإيراني ولحلقات عملائه وركائزه في العالم العربي
وبات التركيز على تحصين المواقع الجديدة والقفز نحو آفاق تحررية أخرى هو
الهدف المركزي المستقبلي والحتمي، وفي شرق وجنوب العالم العربي ثمة ملفين
هما من أخطر الملفات الستراتيجية لحرية الشعوب وتتمثلان في ملف حركة التحرر
الوطني والقومي الأحوازية التي تمثل في رأيي المتواضع ولربما بشاطرني
العديد من المراقبين و المهتمين بذلك جوهرة القضية القومية التحررية ونقطة
التحول الستراتيجية الخطيرة على مستوى الأمن القومي العربي ولكنها مهملة
بشكل مفجع ومأساوي، فنضال الأحوازيين التحرري شهد فصولا متغيرة من الأمل ثم
الإحباط ثم العنفوان الحالي الذي تمثله اليوم الأجيال الشابة من
الأحوازيين الذين تمردوا على أسر سياسة التفريس والإلغاء القومي الخبيثة
التي تخصص بها دهاقنة الحكم الإيراني وأنطلقوا لإحياء الروح العربية
التحررية وإسترداد الهوية القومية الضائعة التي فشل أهل الأحتلال الإيراني
الإستيطاني في طمسها وتغييبها رغم مرارة وعنف وعنت الإحتلال المستمر منذ
تسعة عقود عجفاء، الشباب العربي الأحوازي اليوم يقود الثورة الشعبية ويرسم
خارطة الطريق المستقبلية ويعتمد إعتمادا كاملا على قواه الذاتية وجهاد أهل
الأحواز العرب المتسامين على الطائفية البشعة والمحتقرين للعقلية الصفوية
التي دمرت مذهب أهل البيت عليهم السلام وأساءت للإسلام الحنيف، وبات لزاما
على العالم العربي التواصل التام مع أحرار الأحواز لتأمين شرق العالم
العربي ولسد الأبواب والثقوب التي يتسلل منها الفكر المعادي للعرب والمراهن
على تشظيهم الطائفي والمذهبي والمتسلل تحت ستار الشعارات التمويهية
المعروفة إياها، الأحوازيون لايريدون رجالا ولا جيوشا لتحررهم فأهل مكة
أدرى بشعابها، وكل مايريدونه و يسعون إليه هو تفعيل قرارات سابقة صادرة عن
الجامعة العربية ومنذ عام 1964 في تفعيل القضية الأحوازية وفي مد يد العون
لمناضلي الأحواز وإدامة التواصل العربي مع قضيتهم وفي الأحوازرجال يعرفون
كيف يلوون أعناق الطغاة خصوصا وأن رياح الثورة الأحوازية الشعبية قد أضحت
اليوم أمرا واقعا وبما سيفرز نتائج ميدانية مباشرة على الأرض.
أما الملف الآخر والذي له أهمية قصوى
لإرتباطه المباشر بأمن الخليج العربي في جبهته الجنوبية وفي تأمين سلامة
المضايق البحرية من بحر عمان وحتى باب المندب فهو ملف إعادة الحرية
والإستقلال للجنوب العربي عبر التحلل من الوحدة الإستيطانية المخادعة التي
ذهب ضحيتها جمهورية جنوب اليمن عام 1990 وأنتهت معها تلك الطفرة التقدمية
الحضارية التي إنتكست بهيمنة التخلف والنهب والفاشية السلطوية، تلك الوحدة
التي تلاشت مع دمار وشطايا وأكوام جثث حرب صيف 1994 ومافعلته فاشية نظام
المخلوع علي عبد الله صالح وبطانته من أفاعيل وماترتب على تلك الحرب من
نتائج فرض هيمنة المنتصر على المهزوم ومحاولة كسر الإرادة التحررية الجامحة
لشعب الجنوب العربي الذي تورط نظام الرئيس المخلوع في تحويل أرض الجنوب
العربي لملاذ آمن للقاعدة وبقية العصابات المتخلفة البعيدة عن فكر ورقي
وسماحة أهل الجنوب العربي الساعين منذ إنبثاق ثورتهم السلمية وحراكهم
السلمي عام 2007لتغيير ذلك الوضع الشاذ والنضال الجماهيري السلمي والحضاري
لإستعادة الحرية وإعادة بناء الدولة في الجنوب العربي على الأسس الحضارية
والإنسانية خصوصا وإن إنهيار الفاشية العسكرية ينبغي أن يرافقه الإعلان
الواضح لحق شعب الجنوب العربي في تقرير المصير وإستعادة ثرواته المسروقة
والمساهمة الفاعلة في إعادة البناء الوطني على أسس جديدة وبإستلهام أخطاء
وتجارب الماضي، ليس ثمة شك بأن شعب الجنوب العربي كشقيقه الشعب العربي في
الأحواز سيحقق الهدف وسيصحح الخطأ الستراتيجي، وعلى العالم العربي تحمل
مسؤوليته التاريخية في مساندة تلك الملفات التحررية، إنها الفرصة التاريخية
التي قد لاتتكرر مرة أخرى، وماضاع حق ورائه مطالب.. والنصر كل النصر
للشعوب المظلومة..
رابط الموقع http://www.elaph.com/Web/opinion/2012/2/715330.html