جنون السيارات ... أخطاء مصنعية واختراق من قراصنة !
قد لا يجد البعض صعوبة في الاقتناع بأنه بات من الممكن أن يوجد من يجلس
خلف شاشة الحاسب ويستطيع التحكم في أبواق السيارات وإنارتها ، وأيضاً
تشغيلها وإيقافها أو حتى الرفع من مستوى سرعتها ، وأن ذلك لم يعد يقتصر على
أفلام الخيال العلمي ، إلا أنه من يظل هناك بعض الصعوبة في الاقتناع
بإمكان إصابة سيارتك بالجنون من تلقاء نفسها خلال قيادتك لها ، خصوصاً إذا
تعلق الأمر بإصرارها على السير بسرعة عالية رغماً عنك ، ورفضها الاستجابة
لكل محاولاتك إيقافها أو التخفيف من سرعتها.
تلقينا في " تـأكــد" طلباً للبحث حول حقيقة قدرة قراصنة الكمبيوتر على
سحب زمام القيادة من سائق سيارة ما وتوليهم السيطرة عليها من خلال اختراق
كمبيوتر السيارة ، وذلك بعد حالة لـ " جنون السيارات " في السعودية خلال المدة الماضية ،
واتضح أن عدداً من الخبراء سبق أن أكدوا الأمر ، كما أجريت بعض التجارب
التي أكدت بدورها إمكان اختراق السيارة إن صح التعبير، وفي المقابل رفض
خبراء آخرون تعميم إمكان الاختراق على جميع أنواع السيارات أو إمكانية
السيطرة على جميع الخصائص في السيارة.
كما تبيّن أن " الجنون " الذي أصاب بعض السيارات في السعودية أخيراً ،
أوشك على إكمال عقده الأول منذ ظهوره لأول مرة في الولايات المتحدة ، وظهر
أيضاً في الأعوام القليلة الماضية في عدد من الدول الأوروبية ، إذ فوجئ
سائق بريطاني يبلغ من العمر 74 عاماً، بإصابة سيارته من نوع تويوتا بريوس Prius بالجنون
خلال محاولته إيقافها في مواقف أحد الأسواق، ورفضت السيارة - التي انطلقت
بشكل مفاجئ وسريع - الاستجابة لمحاولاته إيقافه، ما نتج عنه دهس زوجته
البالغة من العمر 69 عاماً والتي
فارقت الحياة بسبب تلك الحادثة، وخلال محاكمته بتهمة القتل الناتج عن
القيادة المتهورة ، أكد شهود عيان تواجدوا في الموقع، أن الزوجة نزلت من
السيارة لتوجيه زوجها ومساعدته في "ركن" السيارة ، إلا أن الزوج بدأ يصرخ
فجأة ويؤكد رفض السيارة الاستجابة لأوامره بالتوقف ، مشيرين إلى إصابته
بحالة من الذعر والخوف وأن السيارة لم تتوقف رغم صدم سيارة أخرى مجاورة
ودهسها الزوجة التي فارقت الحياة.
وفي الولايات المتحدة عاش العام الماضي سائق نصف ساعة من الرعب - خلال
قيادته لسيارته على الطريق السريع لسان دييغو - بعد أن ارتفعت سرعة سيارته
بشكل مفاجئ إلى أكثر من 150 كيلومترفي
الساعة ، وفشلت كل محاولاته لإيقاف السيارة أو تهدئة سرعتها، وبعد اتصاله
بالطوارئ ، وصلت لمساندته دورية من أمن الطرق في كاليفورنيا ، واضطر
الشرطي قائد الدورية إلى الاحتكاك بالسيارة وتوجيه السائق بالضغط على
فرامل اليد رفقة الفرامل العادية في نفس الوقت إلى أن تمكن من إيقاف
السيارة ، وبحسب تقارير صحفية خضعت السيارة لفحوص مختصين وخبراء من شركة
تويوتا، بما في ذلك تجربة قيادتها على الطرق السريعة ولم تصب السيارة "
بالجنون " ، وهو ما اعتبره محامو السائق الذي رفع دعوى قضائية ضد الشركة
أمر غير مجد ، خصوصاً وأن السائق الضحية يقود سيارته طوال ثلاثة أعوام ولم
تحدث معه أي مشكلة من قبل .
وكانت شركة تويوتا قد سحبت في مطلع 2010 ما يقارب 9 ملايين سيارة من الأسواق لإصلاحها بسبب مشاكل في الفرامل وعدم التحكم في السرعة ، أما مجلة consumerreports.org التي
تصدر عن منظمة اتحاد المستهلكين في الولايات المتحدة، فقد نقلت عن وزير
النقل الأميركي وجود مشكلة زيادة السرعة بشكل تلقائي في بعض سيارات تويوتا ،
إلا أن الوزير الأميركي - الذي استعرض نتائج تحقيقات قادها مهندسو وكالة
الفضاء الأميركية ناسا - أكد أنه لا علاقة للمشكلة بأي خلل كهربائي ، وأن
مهندسو " ناسا " - الذين أجروا اختباراتهم ودراساتهم على نحو 40 من
سيارات تويوتا - اشتروا بعض تلك السيارات من مواطنين اشتكوا من ارتفاع
سرعة سيارتهم خلال قيادتها ورفضها التوقف ، وأكدوا أنه في حالات عديدة
وبحسب الأنظمة الميكانيكية والكهربائية لا تستجيب الفرامل في ظل الارتفاع
المفاجئ لسرعة السيارة أو في حال الضغط المتقطع على الفرامل دون الخفض من
سرعة السيارة ، وتوقع المهندسون أن يكون هناك سببين للمشكلة ، تتعلق الأولى
بقماش أو "مكيت" أرضية السيارة ، والثانية بالنظام الهوائي المسؤول عن
إعادة دواسة الوقود إلى وضعها الطبيعي بعد الضغط عليها ، إذ اعتبر
المهندسون أنه كان من بين السيارات التي تم فحصها سيارات يعاني فيها نظام "
الدواسة " من بطئ يؤخر عودة " الدواسة " إلى وضعها الطبيعي أو يجمدها
أحيانا.
وقدمت مجلة المستهلك ثلاث نصائح لمواجهة الجموح المفاجئ للسيارة ، جاء
فيها أن أهم خطوة في تلك الحالات عدم ترك الفرامل بعد الضغط عليها ، وتحرير
ناقل الحركة ( قير ) السيارة أو وضعه على الوضع ( N ) بالنسبة للسيارات الناقل الآلي ، وإطفاء محرك السيارة فور توقفها (للاطلاع على التجربة
) .
وكان الكونغرس الأميركي استدعي كبار مدراء شركة تيوتا لاستجوابهم أكثر من
مرة، وذلك بعد تزايد الشكاوى التي تتلقاها الإدارة الأميركية لسلامة
الطرق السريعة، والتي بلغت منذ العام 2002 إلى العام الجاري نحو 1500 شكوى خاصة بالارتفاع المفاجئ لسرعة السيارة.
ولا تقتصر مشكلة التزايد المفاجئ للسرعة على سيارات تويوتا ، إلا أنها تحظى بنصيب الأسد منها ، إذ تتعلق نحو 20 في
المئة من إجمالي شكاوى السرعة اللاإرادية للسيارات في الولايات المتحدة
بشركة تويوتا ، وهناك شركات أخرى سجلت ضدها عدد من الشكاوى المماثلة
كفولكسواجن وهوندا وفورد وجي إم سي وأودي وغيرها .
إلا أنه لا يمكن الجزم بأن الأعطال الفنية ، هي الأمر الوحيد الذي من
شأنه التسبب في الارتفاع المفاجئ لسرعة السيارة ، إذ عرض اثنين من خبراء
أمن المعلومات في الولايات المتحدة، تجربة عملية لفتح سيارة عن بعد،
وتشغيل محركها من خلال استخدام رسالة نصية "إس إم إس"، واستعانا بسيارة من
نوع سوبارو لعرض تجربتهم ضمن فعاليات مؤتمر (بلاك هات) الأمني الذي يعقد
سنويا في الولايات المتحدة ، ونجح الباحثان في اختراق اثنين من أجهزة
التحكم عن بعد المستخدمة في غلق وفتح السيارات، مؤكدين أنه يمكن التحكم في
أنظمة الهواتف والطاقة والمرور، بنفس الطريقة.
وكانت الشرطة الأميركية قد ألقت القبض على موظف سابق في إحدى وكالات بيع السيارات، بعد قيامه بقرصنة 100 سيارة،
انتقاماً لفصله من عمله، وقيامه بإطلاق منبهاتها دون توقف، اضطر معه
أصحاب السيارات إلى فصل بطاريات سياراتهم كحل وحيد، بينما أعطى الأوامر
لسيارات أخرى بعدم الاشتغال. قبل أن تلغي الشركة كلمة المرور التي كانت
بحوزته، إذ كانت وكالته كغيرها من وكالات السيارات في الولايات المتحدة،
تضع جهازاً صغيراً تحت لوحة التحكم، يمكنها من إيقاف السيارات التي لا
يلتزم أصحابها بسداد أقساطهم وإعاقة تشغيلها أو تشغيل منبهاتهم دون توقف
لتذكيرهم بالأقساط، كل ذلك بضغطة زر .
كما أكد خبراء في جامعات أميركية أن دراسة أثبتت إمكان اختراق كمبيوتر
السيارة والتحكم فيها من خلال أجهزة الإم بي ثري والأسطوانات المدمجة،
وكشفت الدراسة أن معظم السيارات التي تم تصنيعها بعد العام 2008 لديها
نوع نظم الكمبيوتر الذي يتحكم في برامج أساسية ، والتي يمكن استخدامها
كمدخل من قبل القراصنة لاختراق السيارة ، كنظام الملاحة الجي بي اس وقارئ
مستوى ضغط الإطارات وغيرها .
أكد أيضاً بعض الخبراء أن اختراق السيارات - وإن كان ممكنا - لا يشكل
مخاوف حقيقية ، لضعف المغريات المادية من ورائه ، خصوصاً وأن السيارات التي
يمكن اختراقها بتلك الطريقة يمكن أيضاً تتبعها ومعرفة مكانها وخط سيرها
منذ سرقتها وغيرها . وقدم موقع نورثن عملاق مكافحة الفيروسات في تقرير حول
إمكانية اختراق السيارات، عدد من النصائح لتفادي تعرض السيارات للاختراق،
ونقل تأكيدات لمسؤولين أن الشركات المعنية بأمن السيارات، وأيضاً الشركات
المصنعة للسيارات منكبة على سد الثغرات التي كشفتها الدراسة الأميركية.
منقول
9/18/2011, 10:40 am
