الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.. وبعد: يقول عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم، فالمؤمن يجد لذة لا يعادلها لذة، وهو يتلو القرآن الكريم، وتلاوة القرآن لها فنون عدة، ينبغي للمؤمن الإحاطة بها، ليجد اللذة الحقيقية في تلاوة كلام رب العالمين. ومن الفنون الجميلة في التلاوة، فن الوقف والابتداء، لكن هذا ينبغي أن نتعلم قبله عدة فنون وهي: أولاً: القراءة الصحيحة.
ثانياً: التجويد وهو تحسين التلاوة.
ثالثاً: إتقان مخارج الحروف. رابعاً: فن الوقف والابتداء وسأضرب مثالاً جميلاً واضحاً يبيِّن أثر هذا الفن على التلاوة، فتأمَّل يا رعاك الله: قال تعالى: {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء} تقف هنا على كلمة استحياء، ثم تستأنف القراءة، وتقول: {قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
لاحظ في هذا الوقف: نجد أن الحياء كان في المشي أي أنها كانت تمشي على استحياء.
أما في الوقف الثاني: سيتغير المعنى ويكون الحياء في القول وليس في المشي.
لاحظ الآن عندما تقف على كلمة {تَمْشِي}.
قال تعالى: {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي} هنا تقف على كلمة تمشي ثم تكمل الآية هكذا:
أرأيت كيف صار الحياء في هذا القول وليس في المشي، إذاً هكذا يكون فن الوقف والابتداء مؤثراً في تلاوة القرآن الكريم، ومن تعلم هذا الفن سيجد المتعة الحقيقية في تلاوة كلام رب العالمين، فلا تتردد يا رعاك الله في تعلُّم فنون التلاوة وستجد الفرق - بإذن الله -.
زادكم الله محبة لكتابه الكريم، وجعل ألسنتكم رطبة من ذكر الله، وفقكم ربي