تفكر كم و كم قرأناها و ترددت على مسامعنا . . . . هل فكرت أن تدخل في غمار المتفكرين المتدبرين المتعظين ؟
مقدمة مختصرة معنى التفكر لغة : كلمة فيها معنى النظر والتفهم. وقد عرّف بأنه جولان قوة الفكر بحسب نظر العقل
ويعرف التفكر من وجهة نظر علم نفس التربوي بأنه "حالة ذهنية ووجدانية تتزامن في أثناء تأملات المتفكر في شيء خارجي محسوس أو فكرة داخلية مجردة، يتذوق من خلالها جمال الصنع التصوير وبراعة، ويرى حكمة والتدبير الخلق، فيشاهد آثار وجود الله و يستدل على أسمائه وصفاته العليا ، وتتدفق مشاعره بمحبة الله وخشيته، ليزداد معرفة وإيمانا يفيض على البدن والجوارح ظاهرا بعمله الصالح وسلوكه الأخلاقي ").
والتفكر بالمعنى الإسلامي القرآني، هو أن ينظر الإنسان في الشيء على وجه العبرة والعظة لتقوية جوانب الخير والصلاح ومقاومة دواعي الشر والفساد﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾.
وهذا مدار حديثنا
وقد أمر الله سبحانه بالتفكر والتدبر في كتابه بالعديد من الأيات تحث على التفكر و مقرونة بالمثال من الواقع كالجبال و الإنسان و الأرض و الشمس والنحل و النمل و مما لا يسع ذكره، وأثنى على المتفكرين بقوله: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً [آل عمرآن:191] وقال: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرعد:3].
ولتفكر أبواب لا تعد ولا شك أن مدار كل شيء على الفكر و التفكر و لم يكتسب الإنسان الكرامة عن سائر البهائم و المخلوقات إلا بالفكر المتعقل المتدبر بمألات الأمور
ونحن سنمسك بأحد هذه الأبواب ألا وهي التفكر في مخلوقات الله و عجائب صنعه و عظيم تقديره في خلقة . وقد أمر الله عباده وحثهم على ذالك قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ [آل عمران:190] وقوله: قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [يونس:101]. وقوله وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21].
وهنا أورد بعض ما ذكره السلف في مدار التفكر . 1- قال رسول الله عليه السلام : { تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله } 2- قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ( تفكر ساعة خير من قيام ليلة ).
3- قال القربابي في قوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146] قال: ( أمنع قلوبهم التفكر في أمري ). 4- قال يوسف بن أسباط: ( إن الدنيا لم تخلق لينظر إليها، بل لينظر بها إلى الآخرة ).
5- قال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوا الله عز وجل. 6- قال عمر بن عبد العزيز: الفكرة في نِعم الله عز وجل من أفضل العبادة. 7- قال عامر بن عبد قيس قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر. 8- قال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوا الله عز وجل.
قال الله عز وجل :﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(العنكبوت: 20) قال الله سيروا في الأرض التي أودع فيها من أياته ما تعينكم على إيمانكم
وقد أنعم الله علينا بنعم ينقل إلينا من خلالها من أبعد الصحاري و من عمق المحيطات ومن وسط الغابات ومن هذه الأفلاك المتباعدة عجائب صنعه ما يسرر علينا النظر إليها ونحن في منازلن فالله لك الحمد.
وكمادة أولى بعد هذا التقديم المختصر أقدم بعض المقاطع اجتهدت في انتقائها لعلها تثير في عقولنا نعمة التفكر.