مؤسس المنتدى البلـد/الاقامة :  مشاركات : 13865 الانتساب : 21/03/2010  5/10/2011, 9:43 pm | | 
دفاعا عن حرية التفكير
هاشم العقابي
ان
الشعوب، التي مرت بمثل ما مررنا به من تجارب مريرة، من ايام الدكتاتورية
الى الحروب والحصار ومن ثم تفشي الفساد والجهل في هذه الايام، ما كان لها
ان تنهض من جديد، لولا انها تخلصت أولا من ثقافة الحجر على التفكير. ولا
اظنني بحاجة للقول ان تلك الشعوب ما كانت لتسمى حية، لولا توفر انظمة
سياسية ودول حمتها وتحميها من جماعات الارهاب الفكري من خلال
تشريعات
دساتير وقوانين ملزمة
للجميع ومن دون استثناء لجماعة أو حزب أو طائفة. فاشد ما يميت الشعب هو
غياب حرية التفكير فيها، لان غيابها لا يجعله يرواح في مكانه حسب، بل يشل
حركته وقد يرمي به الى مقابر التاريخ.
فالشعب الياباني الذي دفّعته
الحروب والكوارث ثمنا باهظا لم يدفعه شعب قبله، لم يرتق الى ما هو عليه
الآن لولا انه حرر تفكيره من عقدة الشعور بالظلم وصار ويحتكم الى التفكير
العلمي الذي هو الوجه الأنصع للتفكير الحر. فبعد كارثة هيروشيما التي يطول
وصف آثارها اللا انسانية، يخرج مفكر ياباني على شعبه ليقول دون اي خوف أو
وجل، ان تلك الكارثة كانت في بعض من جوانبها
نعمة لليابانيين. ويفسر ذلك بانها ازاحت فكرة الميل للحروب من اذهان
اليابانيين الى الأبد. لقد كان من السهل على هذا المفكر ان يكون شعاراتيا
ويظل مثل الآخرين ينحب ويبكي على ما حل بشعبه. لكن مساحة حرية التفكير
الواسعة جعلته يفكر بشكل موضوعي وعقلاني غير عاطفي ويجاهر بتفكيره. العظمة
لا تكمن بهذا بالمفكر بل بشعبه الذي يتقبل مثل هذا النوع من التفكير ولا
يتهم من جاء به بالخيانة وعدم احترام مشاعره رغم انه شعب منكوب.
وأمس،
بعد مقتل الارهابي ابن لادن، ظهر الكاتب والصحفي البريطاني روبرت فسك على
قناة الجزيرة للتعليق على الحادث. لم يتردد في
ان يشير الى نقطة ايجابية عند ابن لادن، وهو الذي قتل الكثير من ابناء
شعبه وارهب بلده. قال فيسك انه لم يسال عربيا سؤالا وفكر قليلا قبل ان يجيب
غير ابن لادن.
ان فرض حجر حرية التفكير على العراقيين وحرامانهم منها،
هي احد اهم اسباب تكوين ما نطلق عليه اليوم "الاغلبية الصامتة". ففي
جلساتنا مثلا، نحن معاشر الكتاب والشعراء والاعلاميين، نجد فينا من يسب
ويشتم الامريكان وقواتهم بالعراق. لكن فينا ايضا، من يراهم اصحاب فضل على
العراق ويعطي تفسيرات علمية وعقلانية ليسند رأيه. لكن هل يستطيع ان يكتبها
أو يطلع بها على الشاشة وينادي بخروج مظاهرات
تشكر الامريكان لتقابل تلك التي تشتمهم؟
كذلك قد نجد بين عامة الناس
وخاصتهم، من يقول رأيا مختلفا في صدام رغم جرائمه، وكذلك في الامام الخميني
رغم تعبده وزهده. والسؤال: هل يستطيع هؤلاء ان يجهروا برأيهم سلبا كان أم
ايجابا؟ |
| |
إدارية البلـد/الاقامة :  مشاركات : 8873 الانتساب : 10/05/2010 | 5/11/2011, 2:14 pm | | |
| |
مؤسس المنتدى البلـد/الاقامة : مشاركات : 13865 الانتساب : 21/03/2010 | 5/11/2011, 3:00 pm | | |
| |
