مؤسس المنتدى البلـد/الاقامة : مشاركات : 13865 الانتساب : 21/03/2010 3/20/2011, 1:57 pm | | متابعـــات شبكـــة صـــدى عـــدنالشعوب العربية تثور ضد أنظمة متسلطة وتطالب بالديمقراطية . . إذن هي مع الغرب، وحتى مع "إسرائيل" . هذا التفكير يعبر عنه الآن كثيرون من المسؤولين والمعلقين في الغرب، خصوصاً في الولايات المتحدة . ولكن الصحافية الأمريكية- الفلسطينية لميس انضوني، المعروفة عالمياً، تدحض هذا التفكير وتبين خطأه، وذلك في مقال نشرته في موقع "الجزيرة . نت" بعنوان "أوباما لم يفهم الأمر" قالت فيه: باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، لم يفهم تماماً بعد جوهر الثورات الجارية حالياً في العالم العربي . فهو يبدو حقاً أنه يعتقد أن الناس الذين يحتشدون ويتظاهرون في المنطقة إنما يعلنون بيان تأييد للغرب، إن لم يكن ل"إسرائيل" . قال أوباما حديثاً خلال لقاء مع مجموعة من الديمقراطيين في فلوريدا "جميع القوى التي نراها تتحرك في مصر هي قوى سوف تصطف معنا بصورة طبيعية، وسوف تصطف مع "إسرائيل"- إذا اتخذنا قرارات جيدة الآن، وفهمنا اندفاع حركة تاريخ" . وأنا لا أدري كيف توصل أوباما إلى هذا الاستنتاج، ولكن إما أنه ارتكب خطأ فظيعاً في فهم ما يجري، وإما أن تفكيره هو ببساطة من قبيل التمني . غير أن تصريحاته تردد أصداء تصريحات كثيرين من المحللين الأمريكيين، الذين تغنى بعضهم بواقع أن الشعارات المعادية ل"إسرائيل" أو أمريكا لم تهيمن على الانتفاضات العربية . صحيح أن المتظاهرين لا يركزون على "إسرائيل"، ولكن القول إن هذه القوى يمكن أن تكون حليفة طبيعية ل"إسرائيل" والغرب، إنما هو قفزة كبيرة نحو تقويم خاطئ تماماً للوضع ان رئيس الولايات المتحدة يخطئ في قراءة رسالة الجماهير العربية المحتشدة في المظاهرات . إعادة كتابة التاريخ من تونس إلى مصر فاليمن، وفي بلدان كثيرة أخرى شاهدنا متظاهرين يطالبون بحكومات حرة وخاضعة للمحاسبة . وقد أثبتت لهم عقود من تجارب مرة أن الحكومات غير التمثيلية غالباً ما تكون مستعدة لقبول- أو على الأقل غير قادرة على مقاومة- الإملاءات السياسية والاقتصادية الغربية، وخصوصاً الأمريكية . وعلى سبيل المثال فإن معاهدة السلام بين "إسرائيل" ومصر عام 1979 لم توقعها حكومة عربية ديمقراطية، وإنما تم التوصل إليها على الرغم من المعارضة القوية المستمرة حتى اليوم داخل أكبر بلد في العالم العربي، وبالمثل ما كان من المحتمل توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978 لو كان الأمر عائداً إلى الشعب المصري، الذي لم يردعه تحالف الحكومات المصرية المتعاقبة مع واشنطن وعلاقاتها الوثيقة مع "إسرائيل"، بل واصل مقاومة جميع المحاولات لفرض تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" . وعلى مدى السنين أظهر الشعب المصري تكراراً- من خلال المظاهرات ووسائل إعلامه، وحتى أفلامه السينمائية- أنه يعارض السياسات الأمريكية في المنطقة والعدوان "الإسرائيلي" المتواصل على الفلسطينيين . ولكن الآن، نحن نرى أن محللين ومسؤولين حاليين وسابقين أمريكيين يحاولون إعادة كتابة التاريخ- وربما أيضاً إقناع أنفسهم من خلال هذه العملية- بادعائهم أن العداء الشعبي تجاه "إسرائيل" كان ببساطة ثمرة جهود نظام مبارك لتحويل الأنظار عن مفاسده، حتى إن جاكسون ديل وهو معلق في صحيفة "واشنطن بوست" لام النظام المصري السابق على تعمده إبقاء السلام مع "إسرائيل" بارداً وتحديه الولايات المتحدة في بعض الأحيان . وتحدث ديل عن نظام مبارك في مقال نشر في 14 فبراير/شباط قائلاً "تصوروا مصر تعارض الغرب على الدوام في المحافل الدولية وتشن حملات بلا كلل ضد "إسرائيل" . . حكومة تملأ وسائل إعلامها بعداء بغيض للسامية، وتبقي علاقاتها مع "إسرائيل" مجمدة، وتغذي عادة الرفض العلني ل"تدخل" الولايات المتحدة في شؤونها . . نظاماً يسمح لحماس باستيراد أطنان من الذخائر والصواريخ الإيرانية إلى قطاع غزة" . يبدو أن ديل يعتقد أن مصر ديمقراطية ستكون أكثر وداً تجاه الولايات المتحدة و"إسرائيل" مما اعتبره دكتاتورية لم تكن متعاونة بصورة كافية . والفكرة ذاتها كانت قد عبرت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، التي جادلت بأن خوف مبارك من "الشارع العربي" منعه من أن يتبنى تماماً السياسات الأمريكية بشأن النزاع الفلسطيني "الإسرائيلي" . وما يبدو أن رايس وآخرين لم يدركوه رغم واقع أن بياناتهم ذاتها تعترف به ضمنياً هو أن قصور مبارك المفترض إنما كان يعكس إدراكه أنه لا يستطيع المضي أبعد مما فعل في دعمه السياسات الأمريكية من دون أن يثير غضباً شعبياً . لقد كانت الأنظمة العربية تسعى دائماً إلى تهدئة المعارضة عن طريق إعلان دعم لفظي للقضية الفلسطينية، لأنها تدرك مكانة هذه القضية في الوجدان العربي . وإذا كانت الثورات العربية الحالية قد كشفت أن هذا التكتيك لم يعد يكفي لتحييد قوى المعارضة، إلا أنه من الخطأ الافتراض بأن المزاج العربي الجديد ينسجم بطريقة ما مع موقف أكثر وداً تجاه دولة تواصل احتلال الأرض الفلسطينية وتجريد الشعب الفلسطيني من ممتلكاته . تحديد الديمقراطية إن هذا النوع من إساءة قراءة الوضع لا ينبع من وقائع، وإنما من موقف استشراقي يسيطر منذ وقت طويل على التفكير الأمريكي وعلى قطاعات واسعة من وسائل الإعلام الأمريكية . في الثقافة السياسية السائدة في الولايات المتحدة، يعتبر دعم سياسات واشنطن مرادفاً للتفكير والسلوك الديمقراطيين، بينما معارضة الرؤية الأمريكية و"إسرائيل" تعتبر نابعة من تخلف "عقول أسيرة" . ومن هذا المنظور، فإن عقلية من يتصورون أنهم ضحايا تغذي "كراهية" ومقاومة تجاه "إسرائيل" . ولكن في الواقع، هذا التفكير هو الذي يعتبر غير ديمقراطي تماماً . فإذا افترضنا أن القيم الديمقراطية هي قيم عالمية، وطرحنا جانباً التفسير الغربي العرقي المحوري، لوجدنا أن رفض الاحتلال ينسجم تماماً مع أفكار الحرية والكرامة الإنسانية التي يفترض أنها مكونات أساسية للتفكير الديمقراطي . وكما أن رفض التمييز العنصري يؤكد الإيمان بالحرية، كذلك يفعل رفض الاحتلال "الإسرائيلي" والأمريكي لأراض عربية ورفض رضوخ الشعوب العربية . إذن، طالما أن أوباما لا يتحدث عن إنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق، والاحتلال "الإسرائيلي" لفلسطين، فما الذي يجعله يتصور أن الثوريين العرب الذين هبوا ضد مضطهديهم سيكونون حلفاء طبيعيين للولايات المتحدة؟ ولكن بعض المسؤولين والمحللين الأمريكيين يبحثون عن أي نوع من التفسيرات يمكّنهم من الفصل بين الدعم الأمريكي للاحتلال "الإسرائيلي" وعلاقات أمريكا مع العالم العربي . وبادعائهم أن المسألة الفلسطينية لم تعد مركزية في التفكير العربي، فإنهم يتصورون أن الولايات المتحدة تستطيع ببساطة فرض "حل" يضمن هيمنة "إسرائيل" في المنطقة من دون أن تقبل بحق الشعب الفلسطيني في ممارسة تقرير المصير . إن خير نصيحة إلى أولئك الذين في واشنطن وتل أبيب يحاولون التقليل من دور القضية الفلسطينية في السياسات العربية، هي أن يقرأوا مقالاً كتبه الناشط والمدون المصري الشهير حسام الحملاوي في صحيفة "الغارديان"، وحاجج فيه بأن مظاهرات التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية في العام 2000 ومظاهرات الاحتجاج ضد الحرب الأمريكية في العراق في العام 2003 قد شكلت إرهاصات الثورة المصرية . إن وهم الاعتقاد بأن الحركات ضد جور الدكتاتورية وضد جور الاحتلال تناقض بعضها بعضاً، إنما تعكس تفسيراً خاطئاً خَطِراً لوجدان الجماهير العربية إلا طبعاً إذا كان أوباما يأمل ببساطة استخدام هذا التفكير الخاطئ لتبرير الاستمرار في سياسات في المنطقة هي أيضاً خاطئة . |
| |
إدارية البلـد/الاقامة : مشاركات : 8873 الانتساب : 10/05/2010 3/21/2011, 3:33 pm | | |
| |