السيكوغرافيا الكتابة التلقائية الباطنية يمضي
عدد من الناس دقائق معدودة في حالة استرخاء وتأمل ثم يشعرون أن أنامل
أيديهم بدأ بتحريك القلم الذي تمسك به وتكتب ما لا يخطر على بال ، فكأن
أيديهم تتحرك على الطاولة لتكتب بالقلم أشياء وأشياء من غير أن يدركوا أنهم
على علم بها ، ويبلغ بهم الوضع إلى الإسراع بشكل جنوني في كتابتهم وكأنها
صادرة عن آلة الكترونية تعمل بنفسها لتملأ العشرات من الصفحات دون تعب
ويمكن للأمر نفسه أن يحدث عندما يصور هؤلاء الناس مناظر خلابة في لوحات
فنية أو ينظمون أبياتاً من الشعر أو يؤلفون معزوفات موسيقية، نتحدث هنا عن
ظاهرة تدعى سيكوغرافيا .
ما هي السيكوغرافيا ؟سيكوغرافيا
Psychography هو
مصطلح ينطبق على النصوص التي يزعم أنها كتبت من قبل أرواح أو كيانات غير
مادية، وللـسيكوغرافيا أشكال متعددة بدءاً من روح مزعومة تمتلك السيطرة
الكاملة على حركة يد الكاتب إلى أن يكون ببساطة ناتجاً عن تأثير مبدئي
تتدفق الأفكار منه. وهو يعتبر شكلاً من أشكال الكتابة التلقائية
Automatic Writing ولكن فريدة من نوعها من حيث أن الكاتب يدرك عموماً ما يكتب أي أنه لا يدخل حالة في الغشية
Trance.
أمثلة من التاريخ-
يعتقد أن الإغريق والرومان هم أول من تطرق للسيكوغرافيا حيث اعتقدوا بأن
إلهامهم الفني أو الشعري ..الخ موهوب لهم من الآلهة أو أن الأحلام تأتيهم
عن طريق الآلهة.
- صرح
فولتير بمناسبة كتابته المسرحية الدراماتيكية (
Catiline) أن التدفق الفكري الذي دام أسبوعاً يضاهي مدة تفكير 5 سنوات في الحقيقة و انه واضح أن ذالك حصل بواسطة (
si scirent donum dei) أي هبة إلهية.
- كتب المفكر العالمي
غوته قسماً من مؤلفاته وهو في حالة سيكوغرافيا قوية وقد صرح بذلك بنفسه أنه
أحياناً لم يكن يدري بمضمون أبيات قصائده التي تفاجئه عفوياً والتي تحثه
على الكتابة مباشرة بشكل غريزي وكأنه نائم، هذا يظهر لنا أن موهبة العقل
الباطني عند
غوته أو غيره هي خير دليل على جودة مؤلفاتهم وأنه بفضل
سعة اطلاعه تصدر من أعماق تفكيرهم مواهب فظة خصوصاً عندما تتلاشى وحدة
تفكيرهم أو يضمحل تماسك منطقهم وهذه الموهبة الباطنية تحصل أيضا عند
الطلاب.
- تزعم الوسيطة الروحانية
روزماري براون (1916 - 2001 )أنها تلقت تدوينات موسيقية (السوناتا) من مشاهير الموسيقيين الذين عاشوا في الماضي كـ
لودفيغ و
بيتهوفن وباخ وفرانز لسزت وشوبان وغيرهم! وتضمن الإنتاج الموسيقي الذي دونته : 40 صفحة من سوناتا لـ
شوبرت، و
شوبان، و12 أغنية لـ
شوبرت واثنين من سوناتا
بيتهوفن تمثل كلاً من السيمفونية العاشرة والحادية عشرة لبيتهوفن ! كلاهما غير مكتملتين .
- من أغرب مضامين ما كتب بطريقة السيكوغرافيا ما ذكره
جورج سربالاد في كتابه
spirities et mediums عن
أحد الوسطاء الذين صرحوا أن بني البشر لم ولن يطئوا القمر لأن الهواء غير
متوفر فيه وأن الله لا يسمح بذالك ولكن على سطحه يوجد أناس يعيشون بصورة
تختلف عن معيشة سكان الأرض من حيث استنشاق الهواء كما أن هناك شعب يعيش على
سطح الشمس لكن برداء خاص منحه لهم الرب الإله ليحميهم من حرارة الكوكب ؟؟
- يعتبر كتاب القانون
Book of Law مثالاً مثيراً للاهتمام عن السيكوغرافيا لأنه يعرض عدة أشكال منها ، فعلى سبيل المثال ، يدعي
أليستر كراولي أن نص هذا الكتاب قد أملاه عليه كيان اسمه
عيواس ، وأنه بكل بساطة كتب ما سمع منه (شكل نموذجي من السيكوغرافيا). ومع ذلك وعلى سبيل المثال رسم
كراولي خطاً قطرياً عبر الصفحة 60 مما تشير إلى أن بعضاً من الكتابة أتى أيضاً
"تلقائياً" أو "ميكانيكياً"، علاوة على ذلك ،كما تم استيفاء بعض النص فيما
بعد ليس من
كراولي وإنما من خلال زوجته
روز التي كتب على يدها :" نجمة ذات رؤوس خمس مع دائرة في الوسط والدائرة حمراء ".
- يذكر التاريخ الوسيطة
هيلين سميث التي لمعت في أختراع لغة زعمت أنها تخص سكان غير أرضيين وأنها ملهمة روحياً وبإمكانها الاتصال الروحاني مع عالم الموتى .
- سطع نجم
تشيخو خافيير (1910 - 2002) في تدوين آلاف الأسطر عن طريق السيكوغرافيا وذاع صيته خصوصاً في البرازيل مؤكداً اتصاله مع عالم الأثير ، حيث كتب أكثر من 400
كتاب بطريقة سيكوغرافيا من أجمل القصائد الشعرية وأكثر المواضيع العلمية
تعقيداً وقام ببيع ملايين النسخ ذهبت عائداتها للجمعيات الخيرية.
- يقول
مالو دا سيلفا في كتابه أن طالبا هولندياً حاول عبثا ثلاثة أيام أيجاد حل لمسألة حسابية كلف بها من طرف أستاذه
فان سويدن وبعد جهد مضني بدون نتيجة نام ليستريح و في الصباح وجد على الطاولة التي
يعمل عليها ورقة كتب عليها الحل المناسب للمسألة المعقدة ولم تكن حسب
الوسائل التي تتبعها في جهده الفكري .
- وجه البروفيسور الفرنسي المتقاعد
جان بيير الذي يعتبر المرجع الأول في علوم الفيزياء لدى الكثير من الأوساط العلمية
المرموقة صدمة قوية للعالم على إثر تصريحاته في إحدى وسائل الإعلام بأنه
كان على اتصال مع مخلوقات قادمة من خارج كوكبنا وتعيش على كوكب يطلق عليه
"أومو " بالإضافة إلى تلقيه رسائل مزعومة من تلك المخلوقات بانتظام وعلى
غير العادة فإن معظم تلك الرسائل كانت تعبر عن تقدمهم العلمي والبعض الأخر
كان يحتوي على حلول لمشاكل كان يعتبر حلها أشبه بالحلم البعيد.
شيطان الشعر : سيكوغرافيا التراث العربيكان العرب قبل الإسلام يعتقدون بأن الشاعر متصل بشيطان خاص به يلهمه الشعر ، وأن كان لكل شاعر شيطان ، وحين يقول
حسان بن ثابت قبل إسلامه :
ولي صاحب من بني الشَّيْصبَان فَطَورا أقول وطورا هوهْ
فإنه
يقرر ثلاثة أمور : أولها أن له صاحبا غير إنسي ,وثانيها أن هذا الصاحب
نتسب إلى الشيصبان ، وهو اسم للشيطان ( وبنو الشيصبان أما أن يكونوا أبناء
جني يعرف بهذا الاسم أو يكون أسم قبيلة من قبائل الجن ) ؛ وثالثاً أن
حسان وشيطانه يتناوبان القول فتارة يقول حسان وتارة يقول شيطانه ، وهذا إذا أخذ
على وجهه الظاهر يعني أن الشيطان يرفد صاحبه أو يستقل بقصيدة ويستقل
الشاعر بأخرى ولا يتولى الإلهام كله .
وهناك شعراء يصاحب كل منهم شيطان أو تابعه، ومنهم
الأعشى ميمون بن قيس ، وصاحبه اسمه " مسحل " وقد ذكره في قوله :
دعوت خليلي مسحلاً ودعوا له جُهُنَّام جَدْعا للهجين المذمم
و ذكره مرة أخرى فقال :
وما كنت ذا خوف ولكن حسبتني إذا مسحل يسدي لي القول أنطق
شريكان في ما بيننا من هوادة صفيان إنسي وجني موفق
يقول فلا أعيا بقول يقوله كفاني لا عي ولا هو أخرق
لم يقتصر الاعتقاد بشيطان الشعر على العصر الجاهلي وبدايات الإسلام بل حافظ المعتقد وجوده أيضاً في العصر الأموي ، ولعل
الفرزدق أن يكون من أكثر الشعراء ترديدا له ، ويقال إن اسم شيطانه " عمرو ". وذكر الفرزدق حين يفتخر بشعره أنه " أشعر خلق الله شيطاناً" :
كأنها الذهب العقيان حبرها لسان أشعر خلق الله شيطانا
ومع ذلك فإن
الفرزدق تزحزح عن هذا المعتقد حين تصور أن الذي ينفث الشعر في فمه هو " إبليس "
وابنه مع أن أحدا من الجاهلين لم يذكر أن رئيس الشياطين مصدر للإلهام ؛
يقول
الفرزدق:
وإن ابن ابليس وابليس ألبنا لهم بعذاب الناس كل غلام
هما نفثا في فيَّ من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام
وجرير ينافس
الفرزدق في اعتقاده أن الذي يلهمه هو إبليس فيقول :
إني ليلقي علي الشعر مكتهل من الشياطين إبليس الأباليس
وكان
الفرزدق يقول : " شيطان جرير هو شيطاني إلا إنه من فمي أخبث " .ويشير الشاعر
أعشى سليم إلى أن شيطان المخبل كان من أقوى الشياطين :
وما كان جني الفرزدق قدوة وماكان فيهم مثل فحل المخبل
وما
زال هذا الاعتقاد سائداً إلى يومنا هذا ويوصف الشاعر بالقوة في شعره بقوة
شيطانه ويكثر هذا الوصف في هذا الزمن بالشعر الشعبي وأكبر الأدلة الشاعر
الشعبي
ناصر الفراعنة .
فرضيات التفسير نورد فيما يلي أهم فرضيات التفسير:
1- استحواذ روحانييعتقد
البعض لاسيما الوسطاء الكبار أن إلهام رسائلهم الروحانية يصلهم من أرواح
الأحياء في الأثير فيؤلفون كتباً عديدة ومعقدة أحياناً ويتأكدون حسب زعمهم
أنهم خاطبوا روحانياً تلك الأرواح وهناك من يكتب مئات الصفحات دون تعب
فالممارس للسيكوغرافيا عندما يبدأ بتدوين أفكاره يختاله تدفق غزير للأفكار
لدرجة أن تلك الغزارة تفوق السرعة المذهلة التي يمضيها لتدوين أفكاره فيصبح
مجرى تفكيره وكأنه شلال يدفق الملايين من الأمتار المكعبة من الماء في
لحظة، ويعزو الكثير من الناس هذه الظاهرة إلى الاستحواذ الشيطاني أو تجسد
روح هائمة في الأجسام وأكثر الأفكار الدينية تقول بهذا الأمر وفي كتاب
رودولف تخنر نقرأ أن شاباً من أتباع عقيدة التيوصوفيا كان يستلم رسائل روحانية يدونها
بـ سيكوغرافيا تحت شعار "حيسملا" وكان ذلك الشاب يعتقد بشدة بالإتصال
الروحاني ما بين عالم الأرض وعالم الأرواح أو الموتى و كلمة (حيسملا) في
الواقع ما هي إلا المسيح .
2- موهبة العقل الباطنيعتقد
بأن للعقل الباطن دوراً أساسياً في السيكوغرافيا إذ أن صاحب العلاقة يشعر
أنه يكتب ولكن لا يعلم كيف تأتيه الأفكار التي يكتبها ، ويصرح أبرز علماء
النفس و البارابسيكولوجيا كـ
غراسيه و
جانيه و
مايرز و
كونزالز أن أصحاب الكتابة غالباً ما يطلبون من أرواح الموتى (يفعلون ذلك لجهلهم أن
باطنهم هو المسئول عن كتابتهم الأوتوماتيكية )أن يلهموهم بكتابة سهلة
القراءة ذالك لأنهم لم يستطيعوا التعرف على بعض ما كتبوه قبلاً.
ويذكر ألان
كاردريك في كتابه عن الأرواح :"
أن
ما يميز الحدث هو أن الوسيط لا يدري إطلاقا بما يكتبه وأنها لفرصة ثمينة
أن تكون هذه الملكة هي التي تؤكد دون شك استقلالية التفكير بالنسبة لصاحب
الكتابة ". معتقداً أن الأرواح هي التي تملي على الممارس
الكتابة كأنه وحي روحي . لكن البارابسيكولوجيا وعلم النفس المرتكز على أسس
ثابتة لم يكونا آنذاك قد ولدا أطلاقا مما يعلمنا لماذا لم يتفهم الناس
ماهية السيكوغرافيا من جهة وخطأ تفهم ألان
كارديك مؤسس عقيدة المناجاة الروحانية لميكانيكية الكتابة الباطنية.
وهناك
من يملك قابلية باراسيكولوجية خاصة تؤهله الإدلاء بمعلومات قلما يدلي بها
أثناء يقظته الكاملة .وربما يصلح أن نقول أن أصحاب هذه القابلية هم فريسة
عقولهم الباطنية لما ينتج عن ميكانيكية كتابتهم من مخاطر واضطرابات نفسية،
أن موهبة العقل الباطني قد تخترع أساليب متعددة لإظهار غناء اللاوعي و تنوع
أساليبه في الكتابة الأوتوماتيكية.
3- انفصام في الشخصيةيعتقد
الأطباء المهتمين بالأمور الباراسيكولوجية أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى
انفصام في الشخصية لدى الوسطاء ولدى من يدعي هده التقنية من الكتابة
الغريبة وهدا الانفصام يختلف عن انفصام الشخصية لدى المهستر أو المضطرب
عقليا (
Psychopath)
والشخصية البسيكوغرافية تتميز بالهذيان العقلي الباطني ومن يثابر في
ممارستها فله كل الفرص للوقوع في الاضطراب النفسي.بحيث إذا تفحصنا الممارس
لهذه الكتابة أثناء بسيكوغرافيته نلاحظ أن "وحدته البسيكولوجية" تنقسم إلى
قسمين الوحدة الواعية التي تعود إلى الشخص الذي يكتب والوحدة اللاواعية
التي تظهر فيما يكتب .هذا عدا أن الوحدتين تظهران معا باختلاف الحالة
الأولى.
4- نظرية الوراثةيحلل
البعض أن الموضوع مقترن بالوراثة فنظرية الوراثة تقول أن النواة الخلية
العصبية في الدماغ قد تحتفظ بدقائق المعلومات و المعرفة المكتسبة عند الأهل
أو الأجداد مثلاً وتنتقل إلى الأبناء. وهكذا نستطيع شرح الاستغراب الذي
يمتلكنا عندما نشعر أننا نعرف شيئاً من قبل. ولكن البيولوجيا تقول غير ذلك
لأنها تعلمنا أن دقائق الجسم تتغير مراراً خلال حياتنا بمعدل 7 سنوات
تقريباً.
تساؤلات -هل هناك تدخل شيطاني في السيكوغرافيا ؟
-هل هناك علاقة ما بين التقمص والكتابة الأوتوماتيكية ؟
-هل يمكن عن طريق دراسة الخط أن نثبت إلى أن هناك إشارة إلى تدخل روحي أو حتى شيطاني ؟
شاهد الفيديويسلط هذا العرض من البرنامج البرازيلي
Mais Você الضوء على أهم شخصيتين برازيليتين من الوسطاء الروحين
الأول هو
تشيخو خافيير والثاني هو
ديفالدو بيريرا فرانكو الذي يعتبر من أبرز الوسطاء الروحانيين في البرازيل .
https://www.youtube.com/watch?v=qzPQnDDy7_Ahttps://www.youtube.com/watch?v=XcP_dMvGarI