الحمدلله والسلام على رسول الله وبعد
احببت ان اطرح في المنتدى سلوة له من وحشته وإيناس له في وحدته طرف وقطوف وفوائد لعلها تسلي زائريه وتستجلب اهتمام اعضائه اوكثير منهم الذين صاروا عنه كالغرباء .قال :حمد بن محمد المهري قال حدثني رجل من عبد القيس قال دخلت بنت النعمان بن المنذر على معاوية فقال لها أخبريني عن حالكم كيف كانت قالت أطيل أم أقصر قال لا بل قصري فقالت : أمسينا مساء وليس في العرب أحد إلا وهو يرغب إلينا ويرهب منا فأصبحنا صباحا وليس في العرب أحد إلا ونحن نرغب إليه ونرهب منه ثم قالت
بينا نسوس الناس في كل بلدة ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
فأف لدنيا لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا وتصرف
وعن ابي شيبة المهري قال : ( قال : اختلاف الليل والنهار غنية الأكياس)
عن قتادة ، قال : قال أبو الدرداء : (ابن آدم طأ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك ، ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك . ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك)
عن سفيان بن عيينة ، عن مالك بن مغول ، قال : (كان رجل إذا رأى الليل مقبلا بكى ، وقال : هذا يميتني)
إن الدنيا كأمرأه بغى لا تثبت مع زوج انما تخطب الأزواج ليستحسنوا
عليها فلا ترضى بالدياثه
ميزت بين جمالها وفعالها ... فأذا الملاحة بالقباحة لا تفى
حلفت لنا ان لا تخون عهودنا ... فكأنها حلفت لنا ان لا تفى
السير في طلبها سير في أرض مسبعة والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح المفروح به منها هو عين المحزون عليه آلامها متولدة من لذاتها واحزانها من أفراحها
مآرب كانت في الشباب لأهلها ... عذاب فصارت في المشيب عذابا
يا ابن آدم أصلك من صلصال كالفخار، وفيك ما لا يسعك من التيه والفخار. تارة بالأب والجد، وأخرى بالدولة والجد. ما أولاك بأن لا تصعر خديك، ولا تفتخر بجديك. تبصّر خليلي مم مركّبك، وإلى ما منقلبك. فخفض من غلوائك، وخل بعض خيلائك.
يا ابن أبي وأمي هات، حديث الآباء والأمهات. وحدّث عن رجال العشيرة وكرام الأخلاء والجيرة. من الجار الجنب، وماس الطنب. ومن جاثيناه على الركب، وجاريناه في كشف الكرب. ومن رفدنا بالخير ورفدناه، وأفادنا الحكمة وأفدناه. قد اقتضاهم من أوجدهم أن يفنوا، وخلت عنهم الديار كأن لم يغنوا. وكفى بمكانهم واعظاً لو صودف من يتعظ، وموقظاً عن الغفلة لو وجد من يستيقظ.
يا عبد الدينار والدرهم متى أنت عتيقهما، ويا أسير الحرص والطمع متى أنت طليقهما. هيهات لا عتاق إلا أن تكاتب على دينك الممزق، ولا إطلاق أو تفادي بخيرك الملزّق. يا من يشبعه القرض، ما هذا الحرص. ويا من ترويه الجرع، ما هذا الجزع. ستعلم غداً إذا تندّمت، أن ليس لك إلا ما قدمت. وإذا لقيت المنون، لم ينفعك مال ولا بنون. ما يصنع بالقناطير المقنطرة، عابر هذه القنطرة، وما يريد من البهجة والفرحة، نازل ظلّ هذه السرحة.
لما مات الحجاج رثاه الفرزدق، فقال:
ابك على الحجاج عولك ما دجا ... ليل بظلمته ولاح نهار
إن القبائل من نزار أصبحت ... وقلوبها جزعا عليك حرار
لهفي عليك إذا الطعان بمأزق ... ترك القنا وطوالهن قصار
إن الرزية من ثقيف هالك ... ترك العيون ونومهن غرار
وقالت امرأة من العرب كانت أمها فارسية، وكان بنو عمها كثيرا ما يعيبونها بأمها، فلما كثر ذلك عليها، أنشأت تقول :
من آل فارس أخوالي أساورة ... هم الملوك وقومي سادة العرب
وجدتي تلبس الديباج ملحفة ... من الفرند ولم تقعد على قتب
ولم تكب على الأبراد تنسجها ... معاذ ربي ولم تشرب من العلب
فقيل لها: أوجعك قومك! فقالت: هم والله اشد إيجاعا، وما قصدت إلا دفع شرهم.
ومما رواه القالي في اماليه عن ابن المزرع: حدثني من رأى قبرا بالشام عليه مكتوب: " لا يغترن أحد بالدنيا، فإني ابن من كان يطلق الريح إذا شاء، ويحبسها إذا شاء " . وبحذائه قبر عليه مكتوب: " كذب الماص بظر أمه، لا يظن أحد أنه ابن سليمان بن داود عليهما السلام، إنما هو ابن حداد، يجمع الريح في الزق، ثم ينفخ بها الجمر " .
قال: فما رأيت قبلهما قبرين يتشاتمان، والله أعلم.
قال الجاحظ: رأيت بالبصرة رجلا يروح ويغدو في حوائج الناس، فقلت له: قد أتعبت بذلك بدنك، وأخلقت ثيابك، وأعجفت برذونك، وقتلت غلامك، فما لك راحة ولا قرار، فلو اقتصدت بعض الاقتصاد! قال لي: قد سمعت تغريد الأطيار في الأسحار في أعالي الأشجار، وسمعت محسنات القيان على الأوتار، فما طربت طربي لنغمة شاكر أوليته معروفا، أو سعيت له في حاجة.
ويروى عن عبد الله بن العباس انه قال: من لم يملك نفسه فليس بأهل أن يملك غيره. و قال بعض الحكماء: العاجز من عجز عن سياسة نفسه. و قال الشاعر:
أبدأ بنفسك فأنهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تسمع إن وعظت و يقتدى ... بالقول منك، و يقبل التعليم
وللعرب في الزجر والتنبيه عن اثارة الرجال وظلمهم وملء صدورهم بالغيظ والحسد
و ما أودعت أحشاء الليالي ... أضر عليك من حقد الرجال
و قال طريح بن إسماعيل الثقفي:
لا تأمنن إمرأً أسكنت مهجته ... غيضاً و إن قيل: إن الجرح يندمل
و أقبل جميل الذي يبدي و جار به ... و ليحرسنك من أفعاله الرجل
و قال حريث بن جابر الخنفي:
لا تأمنن الدهر حراً ظلمته ... و إن نمت فأعلم أنه غير نائم
إذا كان ذا عودٍ صليب و مرةٍ ... ركوباً لإحناء الأمور العظائم
المعمرين والمخضرمين النابغة الجعدي .
هو عبد الله بن قيسٍ، من جعدة بن كعب بن ربيعة، وكان يكنى أبا ليلى، وهو جاهليٌ، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنشده:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ إِذْ جاءَ بالهُدَى ... ويَتْلُو كتاباً كالمَجَرَّةِ نَيِّرَا
بَلَغَنا السَّماءَ مَجْدَنا وجُدُوَدُنا ... وإِنَّا لنَرْجُو فَوْقَ ذلك مَظْهَرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إلى أين أبا ليلى " ؟ فقال: إلى الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن شاء الله " وأنشده:
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ إِذَا لم تَكُنْ له ... بَوَادِرُ تَحْمِى صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرا
ولا خَيْرَ في جَهْلٍ إِذَا لم يكن له ... حَلِيمٌ إِذَا ما أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يفضض الله فاك " : قال: فبقي عمره لم تنقض له سنٌّ.
وكان معمراً، ونادم المنذر أبا النعمان بن المنذر، وفي ذلك يقول:
تَذَكَّرْتُ والذَّكْرَى تَهِيجُ على الفَتى ... ومن حاجَةِ المَحْزُونِ أَن يَتَذَكَّرَا
نَدَاماىَ عِنْدَ المُنْذِرِ بن مُحَرَّقِ ... أَرَى اليَوْمَ منهم ظاهِرَ الأَرْض مُقْفِرَا
لبيد بن ربيعة
هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري. وكان يقال لأبيه ربيع المقترين لسخائه، وقتلته بنو أسدٍ في حرب بينهم وبين قومه، ويقال قتله منقذ بن طريف الأسدي ويقال قتله صامت بن الأفقم، من بني الصيداء، يقال ضربه خالد بن نضلة وتمم عليه هذا، وأدرك بثأره عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب أخوه، وذلك أنه قتل قاتله.
ويكنى لبيدٌ أبا عقيلٍ، وكان من شعراء الجاهلية وفرسانهم.
وأدرك لبيدٌ الإسلام، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني كلاب، فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم، ثم قدم لبيدٌ الكوفة وبنوه، فرجع بنوه إلى البادية بعد ذلك، فأقام لبيد إلى أن مات بها، فدفن في صحراء بني جعفر بن كلاب، ويقال إن وفاته كانت في أول خلافة معاوية، وأنه مات وهو ابن مائةٍ وسبع وخمسين سنةً.
ولم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً، واختلف في البيت، قال أبو اليقظان، هو:
الحَمْدُ لِلهِ إِذْ لم يأْتِنى أَجَلِى ... حتَّى كَسَاني مِنَ الإسلامِ سِرْبالاَ
وقال غيره: بل هو قوله:
ما عاتَبَ المَرْءَ الكَريمَ كنَفسِه ... والمَرْءُ يُصْلِحُهُ الجَلِيسُ الصالِحُ
وكان لبيد آلى في الجاهلية ألا تهب الصبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وألزمه نفسه في إسلامه، فخطب الوليد بن عقبة الناس بالكوفة يوم صبا، وقال: إن أخاكم لبيد آلى ألا تهب له الصبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وهذا اليوم من أيامه، فأعينوه وأنا أول من أعانه، ونزل فبعث إليه بمائة بكرة، وكتب إليه:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه ... إذا هبت رياح أبى عقيل
أشم الأنف أصيد عامرىء ... طويل الباع كالسيف الصقيل
وفى ابن الجعفرى بحلفتيه ... على العلات والمال القليل
بنحر الكوم إذ سحبت عليه ... ذيول صبا تجاوب بالأصيل
فلما أتاه الشعر قال لابنته: أجيبيه فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فقلت:
إذا هبت رياح أبى عقيل ... دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بنى حام قعودا
أبا وهب حزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم له معاد ... وظنى يا ابن أروى أن تعودا
فقال له لبيد أحسنت لولا أنك استطعمتيه قالت: إنه ملك وليس بسوقة، ولا بأس باستطعام الملوك.
عودة للنوادر والملح
وخرج ابن أحمد المدني أيام العصبية إلى أذربيجان، فلقيه فرسان، فسقط في يده، فقال: الساعة يسألونني من أنا ؟ وأخاف أن أقول مضري وهم يمانية، أو يماني وهم مضرية، فيقتلونني؛ فقربوا منه، وقالوا: يا فتى، ممن أنت ؟ قال: ولد زنا، عافاكم الله ! فضحكوا منه، وأعطوه الأمان، فأخبرهم بنفسه، فأرسلوا معه من يوصله إلى مقصده.
وروى الاصمعي قال : خرج الحجاج متصيداً، فوقف على أعرابي يرعى إبلاً وقد انقطع عن أصحابه، فقال: يا أعرابي، كيف سيرة أميركم الحجاج ؟ فقال الأعرابي: غشوم ظلوم لا حياه الله ولا بياه. قال الحجاج: فلو شكوتموه إلى أمير المؤمنين ؟ فقال الأعرابي: هو أظلم منه وأغشم، عليه لعنة الله ! قال: فبينا هو كذلك إذ أحاطت به جنوده، فأومأ إلى الأعرابي فأخذ وحمل، فلما صار معهم قال: من هذا ؟ قالوا: الأمير الحجاج، فعلم أنه قد أحيط به، فحرك دابته حتى صار بالقرب منه، فناداه: أيها الأمير: قال: ما تشاء يا أعرابي ؟ قال: أحب أن يكون السر الذي بيني وبينك مكتوماً؛ فضحك الحجاج وخلى سبيله.
وخرج مرة أخرى يعني الحجاج فلقي رجلاً. فقال: كيف سيرة الحجاج فيكم ؟ فشتمه أقبح من شتم الأول حتى أغضبه، فقال: أتدري من أنا ؟ قال: ومن عسيت أن تكون ؟ قال: أنا الحجاج، قال: أوتدري من أنا ؟ قال: ومن أنت ؟ قال: أنا مولى بني عامر، أجن في الشهر مرتين هذه إحداهما. فضحك وتركه.
واختم بمايلي :
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول، ولا يدري هؤلاء أن كلمة واحدة يمكن أن تحبط جميع أعمالهم وتوبق دنياهم وأخراهم.أ.هـ
فإذا استقام اللسان استقامت الأعضاء، وإذا اعوج اللسان اعوجت الأعضاء، ويروى عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفِّر اللسان فتقول: اتقِ الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا".
من لم يردعه القرآن والموت,فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع .إنَّ زيارة القبور ..وشهودالجنائز ..ورؤية المحتضرين ..وتأمل سكرات الموت..وصورة الميت بعد مماته ..يقطع على النفوس لذاتها ..
ويطرد عن القلوب مسراتها ..من استعدَّ للموت ..جدَّ في العمل ، وقصَّر الأمل ..
يقول اللبيدي : رأيت أبا اسحاق في حياته يُخرج ورقة يقرؤها دائماً ..فلما مات نظرت في الورقة فإذا مكتوب فيها :أحسن عملك فقد دنا أجلك ..أحسن عملك فقد دنا أجلك ..
أحبتي ..إنَّ الذي يعيش مترقباً للنهاية ..يعيش مستعداً لها ،..فيقلُّ عند الموت ..ندمه وحسراته.لذا قال شقيق البلخي رحمه الله :
استعد إذا جاءك الموت أن لا تصيح بأعلى الصوت تطلب الرجعة ..
فلا يستجاب لك .فلتكن قلوبكم يقظة
مفارقةمن سباتها ..وازجروا النفوس عن التمادي في غيها وشهواتها .
و ليزيد الصالح في صلاحه..و ليستيقظ الغافل قبل حسرته وقبل مماته.
والسلام عليكم اخوتي ورحمة الله وبركاته