بين الملهم والمعلم
روى البخاريُّ وغيرُه عن ابن عباس - رضِي الله عنهما - قال: كان عمر يُدخِلني مع أشياخِ بدر، فقال بعضهم: لِمَ تُدخِل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنّه ممَّن قد علمتم، فدعاهم (عمر) ذات يوم ودعاني معهم.
قال ابن عباس: وما رأيته دعاني يومئذٍ؛ إلا ليريهم مِنِّي.
فقال عمر: ما تقولون في ? إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا... ? [النصر: 1، 2] حتى ختم السورة؟
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصَرَنا وفتَح علينا.
وقال بعضهم: لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئًا.
فقال لي: يا ابن عباس، أكذلك قولك؟
قلت: لا.
قال: فما تقول؟
قلت: هو أَجَلُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعْلَمَه الله له؛ ? إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ? فتح مكة، فذاك علامة أجَلِك، ? فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ?.
قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.
في هذا الحديث فوائدُ تربوية ودعوية وسياسية عظيمة، ولا غروَ؛ فالحديث بين المُلهَم المُحدَّث عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - وبين المُعلَّم المدعُوِّ له من النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفقه في الدين وتعليم التأويل عبدالله بن عباس - رضِي الله عنهما - فإلى فوائد هذا الحوار الماتِع بين أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
الفائدة الأولى:
جواز المراجعة والاستِفسار من المفضول للفاضل ومن الأتباع للقادة، كما راجَع هنا بعضُ أصحاب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- عمرَ بقوله: "لِمَ تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟"، وكان عمر - رضِي الله عنه - يُدخِل الناس عليه بحسب منازلهم وسبْقهم في الإسلام، وكان أهل بدر مُقَدَّمين على غيرهم، فاستَنكَر بعضُهم دخولَ ابن عباس معهم وهو من سنِّ أبنائهم.
ولم يستنكرْ عمرُ - رضِي الله عنه - سؤالَهم أو إنكارهم؛ بل أراهم حكمتَه عمليًّا في دخول ابن عباس معهم.
وكان عمر - رضِي الله عنه - نفسُه كثيرًا ما يُراجِعُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وكثيرًا ما يُراجِع أبا بكر - رضِي الله عنه - كذلك، فليس من حقِّ أحدٍ إغلاقُ باب المراجعة والاستفسار بل والإنكار، مهما علَتْ مرتبته، وسمَتْ منزلته.
وكثيرٌ من القادة - بل ومن قادة العمل الدعوي الإسلامي - اليومَ يَضِيقون ذرعًا من مراجعة بعض أتباعهم؛ بل ومن مراجعة المقرَّبين منهم لهم، وهذا خطأ جسيم، يترتَّب عليه الاختِلافُ والشِّقاق، نعم لا بُدَّ من مراعاة الآداب الواجبة مع القادة والرُّؤوس، وليس من الأدب ترك الاستفسار ولا الإنكار، إذا كان بصورته الشرعية.
الفائدة الثانية:
ضرورةُ تدعيم الصفوف الأولى والكبارِ في الدعوة إلى الله -تعالى- بالشباب، وبِمَن هم أقلُّ منزلة وخبرة ممَّن سبَقَهم في العمل الدعويِّ، على أن يكون الشباب ثقة وأهلاً لأن يُقَدَّم، وأن يكون مُستَحقًّا أن يُزاحِم أهل السبق في الدعوة، وهذا يُؤخَذ من إدخال عمر لابن عباسٍ مع كبار الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين.
فأهل الصفوف الأولى حتمًا سيَترُكون يومًا مكانَهم وعملهم، فإن لم تَتداخَل الأجيال في المسيرة الدعوية، توقَّفت وماتت بموت أصحابها وقادتها، ومن هنا يحرص الدُّعَاة إلى الله على تحميل الشباب مسؤولية الدعوة على أرض الواقع، كما يُتِيحون لهم مُعايَشة تجارِبهم، والاستِفادة من خبراتهم في شتَّى المجالات الدعوية.
ومن هذا كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا ما يستعمل الشباب في المناصب العالية في الدعوة إلى الله -تعالى- وفي ميادين الجهاد والولاية.
الفائدة الثالثة:
أهميَّةُ تحلِّي القادة والرُّؤَساء بالحكمة والبَصِيرة في استعمال التجارِب، وإثبات الرأي الصحيح بالعمل كما يُثبِتونه بالقول، فلو أنَّ عمر - رضِي الله عنه - هنا اكتَفَى بقوله لأصحابه عن ابن عباس: "إنَّه ممَّن علمتم"؛ ويعني بهذا: سَعَة فهم وعلم ابن عباس ورجاحة عقله، لو اكتَفَى عمر بهذا لربَّما لم تقوَ قناعة أصحابه برأيه مثلما كان الأمر بعد أن سألهم عن الآية، فأجاب بعضهم بغير الجواب وتوقَّف آخرون، وأجاب فيها ابن عباس بمراد عمر - رضي الله عنهم جميعًا.
وقد كان عمر يُوَضِّح لأصحابه الحكمةَ من تقديمه لابن عباسٍ على غيره من أقرانه؛ كما روى عبدالرزَّاق عن مَعْمَر عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءَنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكُم فتى الكهول، إنَّ له لسانًا سَؤُولا، وقلبًا عَقُولاً.
وفي روايةٍ عند ابن سعدٍ أن عمر قال لهم - رضي الله عنهم جميعًا -: أمَا إنِّي سأُرِيكم اليوم منه ما تعرِفون به فضله.
وفي روايةٍ عند أحمد قال لهم عمر بعد إجابة ابن عباس على سؤاله: كيف تلومونني على حبِّ ما ترون؟
فهذا كلُّه يُعزِّز الثقة في نفوس الأتباع والمستأمرين تجاه قادتهم ورؤوسهم، بعكس إهمال الإيضاح والبيان؛ فإنه يُورِث تخلخُل العلاقات مع الوقت.
الفائدة الرابعة:
بيان ما ينبغي أن يكون عليه حالُ المجتمع المسلم من صَفاء القلوب وصحيح التصوُّرات والمفاهيم، فالرهط من المُهاجِرين لم يعتَرِضوا على عمر بعد أن أوضح لهم سبب تقديمه لابن عباسٍ على غيره ممَّن في عمره، وعمر لم يقدِّم ابن عباس لقرابة تشمله أو هوى في نفسه، وذلك كلُّه لصفاء قلوبهم وميلهم للحقِّ أولاً، ثم لحسن تصوُّراتهم ومفاهيمهم.
فصاحب العقل الراجح، وصاحب الفهم المسدَّد، وصاحب العمل الصحيح ينبغي أن يُقَدِّمه القادة على أولادهم والمُقرَّبِين منهم، وينبَغِي أن يقبَلَه الجميع لفضله ومكانته. شامل صور صور العام الجديد 2017 اغلفة فيس بوك happy new year 2017 صور متحركة لراس السنة 2017 صور كرسماس 2017 صور انستقرام تهنئة براس السنة 2017 عروض الالعاب النارية في احتفالات راس السنة 2017 صور برج خليفة في ليلة راس السنة 2017 كفرات فيس بوك لراس السنة 2017 صور افكار زينة راس السنة 2017 رمزيات الكريسماس 2017 خلفيات الكريسماس 2017 صور رومانسية لراس السنة 2017 صور تويتر لراس السنة 2017 صور هدايا حب لراس السنة 2017 كروت معايدة للسنة الجديدة 2017 بطاقات تهنئة راس السنة الميلادية 2017 خلفيات اطفال راس السنة 2017 غلافات فيس بوك للكريسماس 2017 صور كاريكاتير راس السنة 2017 صور التقويم الميلادي لسنة 2017 صور عيد الكرسمس 2017 صور راس السنة للفيس بوك 2017 صور مضحكة عن الكريسماس خلفيات هابي نيو يير 2017 صور هابي نيو يير صور شجرة الكريسماس 2017 اجمل صور هابي نيو يير 2017 صور فيس بوك للسنة الجديدة 2017 احتفالات راس السنة في دبي 2017 صور عيد راس السنه 2017 كاريكاتيرات مضحكة عن السنة الجديدة 2017 صور احتفالات راس السنة 2017 صور كل عام وانتم بخير صور سنة 2017 صور بابا نويل 2017 اغلفة فيس بوك السنة الميلادية 2017 صور 2017.
وسبب عدم اعتِراض أحدٍ من الصحابة الحاضرين على عمر - رضي الله عنهم جميعًا - بعد ما بيَّن لهم سبب تقديمه لابن عباس على غيره، تصوُّرُهم الصحيح للتفضيل والتقديم بين الناس، وكذلك لم يعتَرِضوا عليه لبُعْدِهم عن الهوى في تحديد مَواقِفِهم، فجمعوا بين حسن التصوُّر المُعرِّف والمُبيِّن للحقِّ، وبين صلاح النيَّة وحسن التوجُّه الداعي لقبول الحقِّ والإذعان له.
والمجتمع الذي يَسُود فيه تقديم أهل العقل والفهم والعلم، مجتمعُ خيرٍ وفلاح؛ مجتمعُ خير لأنه يدلُّ على صلاح قلوب أهله؛ إذ قدَّموا خيارَهم، ومجتمعُ فلاحٍ؛ لأنَّ أهل العلم والعقل هم الذين يَقُودون ركابه.
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهم وسلِّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
طُرح مرةً في أحد الاجتماعات في إحدى المدارس السؤالُ التالي: أيُّ العناصر أكثر أهميةً في العملية التعليمية: المدير، المعلم، الموجِّه، المنهج، الطالب، أم ولي الأمر؟
رأيٌ رأى أنه المدير؛ لأنه هو من يسير ويدير الجميع، وبه وبجهوده تقوم المدرسة.
ورأي رأى أنه المنهج؛ لأن المنهج القوي كفيل بتخريج طلبة أقوياء في المادة العلمية.
وهناك من رأى أنه الطالب؛ لأنه دون رغبته في التعلم ودون أن يكون له أهداف، فإنه لا فائدة ترجى، وإن جهد المدير والمعلم والجميع ضائع.
وابتعدت آراء المعلمات في ذلك الاجتماع عن المعلم، ولسان حالهن يخلي مسؤوليتهن، وأن المعلم هو ضحية المدير والمنهج وولي الأمر والطالب.
وكان لي رأيٌ يخالف كل هذه الآراء، وأصرُّ عليه؛ لأنَّ المعلم هو الأهم في العملية التعليمية.
فالمعلم الجيد قوله إخلاص، وعمله إخلاص، وابتساماته إخلاص، تشجيعه إخلاص، وحتى عقابه إخلاص، لا ينتظر مديرًا يديره، ولا يعمل من أجل درجة يرصدها له موجِّهُه.
يفهم ويدرك أنَّ بين يديه أعزَّ ما يملك الآباء والأمهات والأسر والمجتمع: أبناؤهم.
ويفهم أنه وحده الذي يبني وينشئ أنفسًا وعقولاً، ويفهم أن مسؤوليته وأمانته عظيمة، فهو إما بانٍ أو هادمٌ.
وأرى أنه المعلم، هو الفنان الماهر، الذي سيعالج ضعفَ المناهج أو قصورها - إن وجد ذلك - بأنشطة إضافية، وأوراق عمل إثرائية، وأبحاث ودراسات، ويضفي على كل ذلك أجواء من النشاط والتنافس بين الطلاب، والتحليل والنقد، والمقارنة والتصنيف واللعب.
فهل بعد ذلك وغيره لا تذلل الصعوبات، ولا تحل عقد المناهج؟!
ويساعد المعلمَ جدًّا في دعم المناهج اطلاعُه على مناهج دول أخرى عربية وأجنبية، وقراءاته في كتب أساليب التربية والتعليم قديمها وحديثها.
وهو المعلم الذي سيعزف على أوتار عقول وقلوب الطلاب ألحانًا ترققهم أحيانًا، وتحمِّسهم أحيانًا أخرى، فيذكرهم دائمًا بأجر المتعلِّمين والعلماء، ويستثير هممهم بالتعلم حبًّا في الله ورسوله وحبًّا في الإسلام، ويروي لهم حكايات من السلف، فيكتشفون من خلالها شغف ذلك الجيل بالعلم وما بذلوه في سبيله، وكيف أنَّ آثارهم من كتب وعلوم ما زالت باقية، ويقترب بهم إلى زمنهم، فيزوِّدهم بروايات أخرى لعلماء من عصرنا، وما صنعوا لينهضوا بأمة الإسلام.
وعليه أن يربطهم بالكرة الأرضية وما فيها من مشاكل، وأن مسؤوليتهم كطلاب - لخدمة المسلمين ورفع الضيم عنهم - أن يتعلموا ويتعلموا ويتعلموا.
ومن شأن كل ما سبق مجتمعًا أن يزيد رغبة الطلاب في التعلُّم، ويجعلهم أصحاب أهداف وحمَلَة رسالة.
فما بالنا بالمعلمين والمعلمات الذين يدخلون الدرس متأخرين؟! إنها أمانة!
وما بالنا بالمعلمين والمعلمات الذين يغيبون لمصالح شخصية؟! إنها أمانة!
وما بالنا بالمعلمين والمعلمات الذين يُنهون الدرس في نصف الوقت ثم يجلسون يتأملون الطلاب وهم يتحدثون ويلعبون؟! إنها أمانة!
وما بالنا بالمعلمين والمعلمات الذين يطلبون من الطلاب الغياب قبل نهاية الفصل الدراسي بأكثر من أسبوع؟! إنها أمانة!
وما بالنا بالمعلمين والمعلمات الذين يعانون ضعفًا في قدراتهم وكفاءاتهم العلمية، ويخطئون حتى في همزة أو تاء مربوطة؟! إنها أمانة!
وما بالنا وهم يظلمون ويقهرون الطلاب بضرب، أو بكلمة ساخرة، أو نظرة جارحة محقرة؟! إنها أمانة!
وما بالنا بالمعلمات (خاصة) وهن يرتدين ما لا يليق بهن كمربيات وقدوات؟! إنها أمانة!
وما بالنا بهم عندما لا يعدلون؟! إنه أمانة!
أيها المعلمون، أيتها المعلمات:
كل فصل وجيل تتحملون مسؤوليته هو قبيلة بأكملها، فكم قبيلةً أصلحتم ونفعتم؟ أو كم قبيلة دمَّرتم وهدمتم؟
بقي أن أشير إلى عيب وخلل في بعض عقليات من يعملون في المدارس الأهلية، فسمعت من يقول: إننا نعمل بقدر الراتب الذي نأخذه، ولن نشتغل بأكثر منه!
وأقول: ذاك موضوع آخر؛ لأنه في أي مهنة مطلوب منك شرعًا أن تكون أمينًا وتتقن عملك، إن لم يعجبك الراتب اترك المجال لمن يفهم معنى أن يكون معلِّمًا.
ومن النهاية أبدأ لأقول: مفاتيح النصر بيد المعلم.