لا يكره المسلم أي إنسان صاحب دين متمسك بدينه غير متعصب على غيره ، وإلا لو كان هذا الكره موجوداً لطرد المسلمون اليهود والمسيحيون من دولهم وأراضيهم ، أو على الأقل هدموا دور عبادتهم ولم يتركوهم يتعبدوا فيها
لكننا نجد عكس ذلك فالمسلمون أحرص الناس على أهل الكتاب من اليهود والنصارى في ديارهم فيجعلون لهم دور العبادة الخاصة بهم، ويهيئون لهم العمل بتشريعاتهم وتنفيذ الأحكام المتعلقة بأديانهم فيما بينهم ، وهذا ما يشهد به التاريخ الناصع للمسلمين على مر الزمان
وعندما دخل عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر وجد رأس المسيحيين في مصر وكان يسمى بنيامين فر من الرومان إلى الصحارى والجبال خوفا منهم لما علم أنهم أرادوا قتله مع أنه على ديانتهم فاستأمنه عمرو بن العاص وأعاد له بناء كنيسته وأصدر له قراراً بأن يكون رأساً للمسيحيين في مصر أجمعين
ومنذ ذلك اليوم إلى عصرنا هذا ورأس المسيحيين في مصر (البابا) لا بد أن يصدر له قرار تعيين من حاكم مصر بعد أن يختاره المسيحيون المعاصرون له ، بل بلغ من عناية الإسلام بأهل الكتاب من اليهود والمسيحيين أن المغول لما دخلوا بلاد الشام وذهب إليهم الفقيه ابن تيمية ليستنقذ منهم الأسرى عرضوا عليه أن يردّوا إليه أسرى المسلمين فأبى أن يرجع إلا بعد أن يردّوا إليه أيضا الأسرى من اليهود والمسيحيين
والأمر في ذلك يطول ومن أراد المزيد فعليه بكتب التاريخ المليئة بهذه الأحداث الرائعة التى تدل على مبلغ عناية الإسلام لأهل الكتاب من اليهود والمسيحيين وحسبك في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: {أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا}[1]
{1} رواه الترمذى ، فيض الباري شرح صحيح البخاري ، مجمع الأنهر